الغيران، وأراد أن يطيل القول بقدر ما يدعوه إليه رائد الشوق، ويحمله على أن يحمل السمع الكريم فوق الطوق، ثم رجع فعاتبه فكره الطليح، وجاذبه قلمه الطريح، وأنبه أدبه، وقال له: قد آن لك أن تريح الرجل من تطويلك وتستريح.
ومنه قوله- أعني اليماني- في كتاب يزعمه في معنى الكتاب يزعمه في معنى الكتاب الفاضلي بفتوح القدس:
هذا وعلوم الديوان العزيزة محيطة باستيلاء أهل التثليث على البيت المقدس، والمسجد الذي هو على التقوى مؤسس، وأنهم جعلوه مفزع طريدهم، ومقر شديدهم، ومعقل رهبانهم، ومعلم أديانهم، ومقر طالبهم، ومنتجع هاربهم، ومنهج شرعتهم، وعمود بيعتهم، وعكاظ نفاقهم، وموسم شقاقهم:
وبادي سمارهم، ومظهر شعارهم، ومنار منارهم، وملتقط أخبارهم، ومنزل أحبارهم، مع أن طوائف الفرنج ببيعته طائفة، وأمم النصارى على دين الصليب به عاكفة، لا يعرفون عن الإنجيل غير ما بدّلوه، ومن القرب غير ما مثلوه، فنهض إليه الخادم في جحفل من أولياء الدولة القاهرة، يرون الموت مغنما، والسلامة مغرما، والهزيمة عارا، والإدبار نارا، ما حلوا بأرض إلا وأنبتت من ساعتها قنا، ولا نازلوا حصنا إلا بلغوا من شماخه المنى، بايعوا الله على إخماد الكفر جهارا، وعاهدوه على أن لا يذر ماضي سيوفهم على وجه الأرض من الكافرين ديارا، فلما شاهدنا رفعتها، وميزنا علوها ومنعتها، رأينا معهدا أخذ الشيطان على أهله أن لا يخفر لهم عهدا، وعلما أمسى لدين النصرانية على ما ادعوه فردا، قد كملوا عدتها وعديدها، واستخدموا للمحاربة شقيها وسعيدها، وإذا رأوا على أرجائها حفيرا أضحى بجمالها سوارا، ولحمايتها من التطرق إلى منازعة نزعها أسوارا؛ بناء ولكن تقصر عن مماثلته يدان، وإتقان هو بلا شك من صنعة الجان، وعمارة ولكن من ساحر عنيد، وتدبير ولكن عن رأي شيطان مريد، وتماثيل يخيل إلينا