للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سحرهم أنها تسعى، وصحراء أرض ليس لمن أقام بها ظل هناك ولا مرعى؛ فاسترقينا مكانا دلنا عليه حسن الإيمان، نصبنا على أرجائه منجنيقا هدر بازله، وهثم ثغر تلك الأبنية نازله، وتجسدت عصيه حيات تلقف ما صنعوا، وفرقت ما جمعوا، وظل لنا ولهم يوم ولا كيوم ذي قار، وحرب ولكن أين حزب أهل الجنة من حزب أهل النار، سيوف مخروطة، وأيد منا ومنهم بالدعاء مبسوطة، وعجاج انعقد مثاره، وقسطل ولكن استعر بحوافر الصوافن أواره، بذلوا أنفسهم دونها، وراموا ولو بهلاكهم صونها، وعلا شرفاتها منهم أمم لا تحصى، وجمع آلت يد المنيّة لعددهم لابد تستقصى، ولم تزل المنايا تسخن بقوة الله ذلك الحفير، وتورد سكان تلك البقاع بعون الله سوء المصير، ثم سارت رجّا فتنا، وجال النقب في أرجائها، وبلغت الأماني من النصر غاية رجائها، وصيرناها بالحديد، والطلل الدارس بعد المشيد، وحملنا عليهم بقلب رجل واحد، فانطمس محكم التثليث، واستبان طريق الواحد، وتفرق من بها بين أسير أثقلته أغلاله، وقتيل غرته بالإقدام آماله، وطريد لا يعرف له مكانا، وخائف كلما تبدّى له مرأى ظنه إنسانا، وفتحناها بكرة الجمعة، وغدت أعلام الخلافة المعظمة على بقايا شرفاتها خافقة، وأطلاب الإسلام لاستئصال شأفتهم متلاحقة، وقام خطيبنا على صهوة المنبر الأقصى مرتجلا، وصاغ أوصاف المواقف المعظمة والمواطن المكرمة لجيده حلى، وذكره الحرب وكان ناسيا، وألان له بالمواعظ قلبا كان لعدم الادّكار قاسيا، وأعدنا إليه ما كان يعهده من الجمع، وتقدمنا بهدم ما استحدث من البيع، وشيدنا ما دثر من مشهد، اعتمدوا تخريبه ومعبد، وأ تستنقذنا معالم الصخرة الشريفة من الإشراك، فعادت إلى أخوة الحجر الأسود، وهذا الفتح وإن كان المقصود منه مكانا مخصوصا، فهو فتح يشتمل على مدن عامرة، ورباع غير عامرة، وقلاع مرفوعة، وفاكهة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وقرى ظاهرة، وركبان

<<  <  ج: ص:  >  >>