«١» وصدقت ظنون حبي، ويا أيتها الأيام التي قد طال بيني وبينها عتب النوى حسبي، ثم عطف على الكتاب الكريم يغازله، ويصاعد فيه نظر اللوم وينازله، ويقول له: أين لطف الترسل إذ عدمنا لطف الكلام؟ قد احترقنا بنار إبراهيم ولا برد ولا سلام، قد أخذ بفراقه لذة أيامنا نهبا، وقد كنا ونحن بالشّعراء لا نطيق جفاءه، فكيف وقد ركب علينا الشهباء، وشرع في فنون العتب ينسقها، وفي حمول الشكوى يوسقها، إلى أن فض لطيمة الطرس، ففاح عبيره، ولاح حبيره، وباح بالبيان صغير لفظه وكبيره، فكل زهرة حرف عليها للحسن ندى، وكل غصن سطر طفا حب القلوب عليه نقطا، وبدا يود ابن هلال «٢» لو استعار منه معنى الكمال، ويتطلع ياقوت «٣» إلى أن يكون فضا لخاتمة الذي ختم به على هذا السحر الحلال، ويتهافت المسك على أن يكون به تحرير ذلك الحرير، ويخلع صوف ذلك الغزال، فلما رأى المملوك نسمات تلك المحاسن قد ناوحت الهبوب، وتراوحت بالشمال والجنوب، وأنشد لسان حالها، ومن أين للوجه الجميل ذنوب؛ قبل بشفاعة حسنه الأعذار، ونادى حرب العتب: ضعي الأوزار؛ وعاود وصف الشوق فيقول: ما الربيع على أنس البلاد به، وتحلّى عاطل الروض بذهبه، واستطال صاحي الطير بخيامه المضروبة، حيث حبال الشمس من طنبه؛ بأشدّ من شوق المملوك إلى تلك المحاسن، التي من رأى خط شبابها تحقق أنه ما محاه آسن، وقد آن للملوك أن يهرب من الاستهداف لهذه الأوصاف، وألا ينسبه إلى انحراف كل قليل الإنصاف، وما أكثر القليل ذكر مولانا المقام،