شخصه آية ليل ما محيت، وظلة غيم رأيت عليها لمحة بارق لمعت ثم زويت؛ فلعهدي وهو بآية نهار حياته المبصرة أحسن «١» اجتلاء، وأبهى وأبهر بين المشاهد في المعنى والصورة رؤية ورواء؛ طوبى له حل في أمنع جوار، وحصل على سعادة في دار القرار، يفرح بها من إرث شقوة الحزن في هذه الدار، والمملوك منذ سمع نعيه يحسد صم الرماح، ويتزود من سواد مقلته ودمعها، في ظلمة باك من فقد نورها على الصباح، وما أدعو لمولانا وحده إلى سنة العزاء المشروط، ولا أقول له: مهلا ليذهب بك فرط الجزع على أخيك مذهب القنوط، وإنما أشرك نفسي معه في التعزية والتسلية، وأتجلد وإن كان لا جدل على نفوذه هذه الرمية المصمية، فأتعلل وأتمثل بقول الأول:[الطويل]
ولو لم أكن منكم لعزيتكم بكم ... ولكن حظي في المصاب جليل
إلا أن أخصه لاختصاص نسبه، وأفرده بجامع أدبه، فلا أجمع لأقسام الكمال من أدبه، وأستشهد بأن أنشد:[الطويل]
ومن يك ذا نفس كنفسك حرة ... ففيه لها مغن وفيها له مسلي
ومنه قوله «٢» : وينهي ورود المشرف الكريم ووقت الصوم قد حان، وهلاله في عنان السماء مرخى العنان، يشار إليه للبيان بالبنان «٣» ، كأنه الطليعة وهي الراء من أول رمضان، أو الساقة وهي النون من آخر شعبان، أو الخائف اختفى عن العيان، وترامته الأبصار فاستعان، أو طالب حاجة مع الشمس أدركه الليل فوقف وقفة الحيران، أو كوة في غار فغار، أو رقيب وقد اختبأ ليطلع عن مغيبات الأسرار، أو