وهو القلم يمج على حواشيه لعاب الظلماء في لهوات الشمس.
ومنه قوله: أمر وفاء النيل؛ وذلك أنه عند تسطيرها ورد المثال الشريف يتضمن نبأه بسطوره التي كأنها جداوله، وأنه جاد لمؤمله بنفسه التي ليس في يده غيرها، فكأن المسؤول لا شك سائله، وما أظنه إلا حيا نزل دون تلك الديار مهابة لمن حلها من مطايا الغمام، وأحلها من أجله أن يلم بها ركبا، فمشى على وجهه إليها تناهيا في الإكرام، ولم يزل يجري لمستقر له، ويضمه شيئا فشيئا إلى أن أدرك آخره أوله، ووارده في كل ساعة يشهد بنجاح رأي الرائد على التحقيق، ومخلّقه المتواري لحجاب الماء يومئ بإصبعه إلى حسن العاقبة على أنه في حالة الغريق، ولو قدر على المقال لظهر خافيه، ونطق بتوفية عوائده، وأنى ينطق والماء ملء فيه؛ حتى إذا تكمل سمو أمواجه حالا على حال، وتنور أقاصي الأرض من ثنية المقياس، فأدناها النظر العال، لم يملك طبعه السيال أن غطى مساوئها البادية، ورأى ظمأها إليه مع القصور عنه، فنقع بانتقاله إليها غلة كبدها الصادية، وكان له الفضل على الثرى والورى في ذلك المسعى، وقالت ألطاف الله المتتابعة: هذا الماء وسيتلوه المرعى، وكان هواؤه المعتدل على اعتلاله عدلا، فحمّل قلب كل غدير ما أطاق، ولم تبق عين بقعة كانت فارغة إلا وكلها عند نظرة الدمع مآق.
ومنه قوله: وينهي أنه لو أمكن دفاع القضاء، أو قبل غريم الموت المتقاضي أخذ الفداء، لحمي هذا المحترم بأنصار الرجال، لا بجواري العيون المحزونة، ولصرفت عنه المهج يد المنون ببذل نفوسها المصونة، فقد كان والله شقيق الشمس رفعة وهدى، ومباري غرة البدر في النديّ، ورسيل الغيث في الندى، وإن أمسى الزمان لتواري