ولله تلك المواهب المجزلة، ولله تلك الراحة التي لا تقاس بأنملة، ولله ذلك البنان الساحر، ولله ذلك البيان الساخر، ولله ذلك اللسان المدرب، وذلك البحر الزاخر، ولله ذلك الإنسان الذي طال باع عمله وطار، فأوقد ضرام ذلك الصحو شعاع فهمه، وطاب جني ثمره وجناب حلمه، وطاف الأرض صيته، ونفق كاسد الفضائل باسمه؛ لقد ألبس المملوك رداء الفخار، وعرّفه العوم وكان لا يطمع أن يشق بحره الزخار، ومحى عنه صبغ دجنة تلك الليلة، وفرج عنه لباس تلك السحب وقد ضم عليه ذيله، وفرق ذلك النور المعتلج وقد جاراه جفنه، وأجرى مثله سبله، وأطلق لسانه من الاعتقال، وأنطق بيانه فقال، وحمى له هجير الذكاء فقال، ووقفه ولولا إيقافه لغبّر على آثاره في وجه من سبق.
فكتب هو الجواب:[الكامل]
جاء الجواب يزف منه فواضلا ... ويرف في روض البيان خمائلا
أغرقت غر السحب حين وصفتها ... يا من غدا بحرا يموج فضائلا
لو لم تكن يمناك بحرا زاخرا ... ما أرسلت تلك السطور جداولا