للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساقطة تتهاوى وكان كثير الولوع بديوان أبي تمام حبيب بن أوس، والنزوع منه لسهام لا ترمى بها حنيّة قوس، ثمّ كان ولع أبي العلاء المعري به مثل ولعه بأبي تمام لا يسأم طرفه الطارق له من إلمام.

حكى ابن خلكان «١» أنّ المعري لما فرغ من تصنيف كتابه اللامع العزيزي في شرح شعر المتنبي، وقرئ عليه أخذ الجماعة في وصفه، فقال: كأنّما نظر المتنبي إليّ بلحظ الغيب حيث يقول: [البسيط]

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم

وقد ذكره الثعالبي في اليتيمة «٢» فقال: هو وإن كان كوفيّ المولد شامي المنشأ، وبها تخرّج، وفيها خرج. نادرة الفلك، وواسطة عقد الدهر في صناعة الشعر، ثم هو شاعر سيف الدولة المنسوب إليه المشهور به، إذ هو الذي جذب بضبعه، ورفع من قدره، ونفّق من شعره فألقى عليه شعاع سعادته حتى سار ذكره مسير الشمس والقمر، وسافر كلامه في البدو والحضر، وكادت [الليالي] «٣» تنشده، والأيام تحفظه، كما قال وأحسن ما شاء:

[الطويل]

وما الدهر إلّا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا

فسار به من لا يسير مشمّرا ... وغنّى به من لا يغنّي مغرّدا

وكما قال: [المتقارب]

ولي فيك ما لم يقل قائل ... وما لم يسر قمر حيث سارا

وعندي لك الشرّد السائرا ... ت لا يختصصن من الأرض دارا

٥/إذا سرن من مقولي مرّة ... وثبن الجبال. وخضن البحارا

<<  <  ج: ص:  >  >>