ويسبّحان يتباريان إلى الغاية غربا وشرقا، ويتعاوران ملاءة الحضر «١» قوة وسبقا كالدائرة تلاقى طرفاها، وكالقوس صحّ عنقاها في يمين من براها.
وقد ذكرهما صاحب اليتيمة فقال «٢» : إن هذان لساحران يغربان بما يجلبان، ويبدعان فيما يصنعان. وكان ما يجمعهما من أخوّة الأدب مثل ما ينظمهما من أخوّة النسب، فهما في الموافقة والمساعدة يحييان بروح واحدة، ويشتركان في قرض الشعر، وينفردان، ولا يكادان في الحضر والسفر يفترقان، وكانا في التساوى كما قال أبو تمام:
[المتقارب]
رضيعي لبان شريكي عنان ... عتيقي رهان حليفي صفاء
بل كما قال البحتري:[الكامل]
كالفر قدين إذا تأمّل ناظر ... لم يعد موضع فرقد عن فرقد
بل كما قال أبو اسحاق الصابي فيهما:[الطويل]
أرى الشاعرين الخالديّين سيّرا ... قصائد يفنى الدّهر وهي تخلّد
جواهر من أبكار لفظ وعونه ... يقصّر عنها راجز ومقصّد
تنازع قوم فيهما وتناقضوا ... ومرّ جدال بينهم يتردّد
فطائفة قالت: سعيد مقدّم ... وطائفة قالت لهم: بل محمّد
وصاروا إلى حكمي فأصلحت بينهم ... وما قلت إلّا بالتي هي أرشد
١٦٩/هما في اجتماع الفضل زوج مؤلّف ... ومعناهما من حيث يثبت مفرد