ولمّا كان اليوم الذي ورد كتابه، المشتمل من حسن الظنّ بوليّه على ما لا يستوجبه، عكفت عليه الغربان مبشّرات، مثلّثات بالنعيب ومعشّرات. لو أنس إليّ ابن دأية لم أخله إن رغب في الحلي من حجل، في الرّجل، أو تقليد، يقع في الجيد، ولضمّخت جناحه مسكا وعنبرا، ولكسوته وشيا وحبرا، على أنه يختال من لون الشّبيبة، فى أجمل سبيبة.
يا غراب، لغيرك بعدها التراب! إن قضى الله نبذت لك من الطعام، إتاوة في كلّ يوم لا في كلّ عام.
كأن كتابه الشّريف قسيمة من الطيب، تضوع بالأناب القطيب، وكأنّما طرقتني منه روضة نجديّة، سقتها الأنوار الأسدية، فعمد ثراها، وأرجت رباها، وأبدى بهارها للأبصار، كدنانير ضربت قصار، وازدانت من الشّقيق، بمشبه العقيق، ولعب فيها الماء، فهي أرض وكأنّها سماء، لها من النّجم نجوم، ومن طلّ السّحر دمع مسجوم. وقد سألت من ورد إليه أن يؤنسني بتركه لديّ، كي أستمتع في ناجر، بمشاكل خبيّة الحاجر، ولأكون جليس الروضة إن لم يرها منظرا مبهجا، ساف منها عرفا متأرجا. وإنّ العامة عهدتني في صدر العمر أستصحب شيئا من أساطير الأولين فقالت عالم، والناطق بذلك هو الظالم. ورأتني مضطرا إلى القناعة فقالت زاهد، وأنا في طلب الدنيا جاهد. وزاد تقوّل القوم عليّ حتى خشيت أن أكون أحد الجهّال، الذين ورد فيهم الحديث المأثور:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتّخذ النّاس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلّوا".
فغدوت حلس ربع، كالميّت بعد ثلاث أو سبع. وحدثت علّة كني عنها/ ٣٤٥/في المستمع، وعاقت عن الحضور في الجمع. وفي الكتاب الكريم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ
. وإنّما ذكرت ذلك لينتهي إلى حضرة [السيّد] عزيز الدولة، [أعز الله نصره] ، أنّي تخلّفت عن خدمته لمرض، منع من أداء المفترض، وإنّ الذكر ليطير للرجل وغيره الخطير. كم من شجرة شاكة ظّلها ليس برحب، وثمرها غير عذب، سمها السّمرة، وكنيتها أمّ غيلان، تذكر في آفاق البلاد، وغيرها من