ولست أرضى لحضرة [مولاي] الشيخ بتحيّة نصيب، لأنّه رضى بعشر تحيّات في الصبّاح، وعشر عند الرواح ووليّه يحمل إلى حضرته الجليلة تحيّة شاكر طروب، تصل شروق الشّمس بالغروب، وتكر من طلوع الشفق، إلى حين تمزّق ثياب الغسق، كلمّا اجتازت بالصّعيد الأعفر، جعلته كالهنديّ الأذفر. إن شاء الله تعالى.
وأثبتنا هذه الرسالة بجملتها لاتّساقها، واتّفاقها. وهي كبنيان لو أخذت منه لبنة لا نقضّ، وسلك لو انحلّ منه طاق لتداعى فيه النّقض، وكعقد لو انفرطت درّة منه لا رفضّ، وكصفّ لو نقل منه واحد لتخلّى عن البعض.
ومن رسالة له سماها رسالة المنيح «١» :
إن كان للأدب نسيم يتضوّع، وللذّكاء نار تشرق وتلمع، فقد فعمنا على بعد الداّر أرج أدبه، ومحا اللّيل عنّا ذكاؤه بتلهّبه، وخوّل الأسماع شنوفا غير ذاهبة، وأطلع في سويداوات القلوب كواكب ليست بغاربة. وذلك أنّا، معشر أهل هذه البلدة، وصف لنا شرف عظيم، وألقي إلينا كتاب كريم،/ ٣٤٧/قراءته نسك، وختامه بل سائره مسك، وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ
. أجلّ عن التقبيل فظلاله المقبّلة، ونزّه أن يبذل فنسخه المبتذلة، وأنّه عندنا لكتاب عزيز. ولولا الإلاحة، على ما ضمن من الملاحة، والخشية على دجى مداده من التوزّع، ونهار معانيه من التشتّت والتقطّع، لعكفت عليه الأفواه باللّثم، والموارن بالانتشاء والشمّ، حتى تصير سطوره لمىّ في الشّفاه، وخيلانا على مواضع السّجود من الجباه.
منها:
موشّحا بكل شذرة أعذب من سلاف العنقود، وأحسن من الدّينار المنقود، فجاء كلوائح البروق، أو يوح عند الشّروق.