ذريعة الانتفاع، وتضيء بما أهدى إليها من الشعاع، إضاءة الصّفر، بما قابل من النّيرات الزّهر وقد يرى خيال الجوزاء على رفعتها، في أضاة المعزاء مع ضعتها، ويورق العود، ببركة السعود، وتفيض الرّدهة، عن نوء الجبهة. ولو تفوّه بمقال جامد، وهمّ باختيال هامد، لنشرت المعّرة صحف الافتخار، وسحبت ذيل العظمة والاستكبار. عجبا أنّ فكره يلحظها لحظ الشّاهد الساهد،/ ٣٥٠/إنّما هو في الرّحيل عنها كجسم ذى روح، نقل من الغرقئ إلى اللّوح، وهى بعده كقسيمة الوسيمة، ذهب عطرها، وبقي نشرها. وإنّما شرفت على سواها، وطالت عن البلاد دون ما والاها، لإقامته في تلك الأيام، وإنامته عن أهلها نواظر أزام، فعرفت عند ذلك به، ونالت خيرها من حسبه.
وإنّما فضل الطّور بالكليم، والمقام بإبراهيم. ولقد سمونا بمجاورته، قبل محاورته، سموّ اليثربيّ، بجوار النّبي. ولعل المعرّة علمت أنّه عقد لا يصلح لمقلّدها، وسوار يرتفع لجلالته عن يدها، وتاج لا يطيق حمله مفرقها، وجونة يشرق بذرورها مشرقها. ومغانية الأولى كالشّجرة بعد اجتناء الثمرة، والصدفة بغير جوهرة.
ولم يخف علينا أنّ القمر، لم يخلق للسمر. وليس للمستعير أن يحسب العارية هبة، ولا يظن ردّها إلى المعير مثلبة، لكن شرف للصّعلوك، العارية من الملوك. وقد أفادت هذه البقعة الصّيت البعيد، وانقادت لها أزمّة الجد السعيد.
فطعن وأرجه مقيم، وارتحل وللثّناء تخييم، ولولا جفاء التّربة والأحجار، عن التخلّق بأخلاق الجار، لأصبحت ساحتها للتأدّب مختارة، والفصاحة من عند أهلها ممتارة.
ولكن أبى الجلمود، قبول الطّبع المحمود. وما همّ ابن داية، بصيد الجداية! فكيف يلتقط الفار بالمنقار، ويستر القرواح بالجناح، أم كيف يمدّ الطّراف من النّسع، ويقدّ النّجاد من الشّسع! هذا ما لا يكون، ولا تسبق إليه الظّنون.