الكحلاء، تسمح بالمسائب الملاء، تطعم الغرب، وتجود بالضّرب، وتجني مرّ الأنوار، فيعود شهدا عند الاشتيار، وكالهواء في مذهب لا أعتقده، وقول من سواي يسدّده، يجتذب أجزاء البخار، فيسقى من تحته عذب الأمطار. ومن لنا بأنّ اللفظ المشوف، يمثّل عليه التمثيل من على الحروف، فعساها تبلّ بفقرة زاهرة، أو تظفر باستخراج لؤلؤة فاخرة. على أنّه من العناء سؤال البرم، ورياضة الهرم. وهيهات! بعدت محالّ الغفر الطّالع، عن مزالّ الغفر الظالع، وأعجز البارق، يد السارق، وجلّت الشموس، عن سكنى الرّموس، وهو- رزق لامه، ما رزق كلامه- أولى النّاس، بإضاءة النبراس.
وقد كان فيما مضى قوم جعلوا الرسائل، كالوسائل، وتزيّنوا بالسجع، تزيّن المحول ٣٤٩/بالرّجع، ما رقوا في درجته، ولا وضعوا قدما على محجّته. لكنهم تعاينوا، فما تباينوا، وتناضلوا، فلم يتفاضلوا. ولو طمعوا فى الوصول، إلى مثل هذه الفصول، لاختاروا الرّتب، على الرّتب، ورضوا اعتساف السبيل، وارتعاء الوبيل، ليدركوا بطلبهم ما أدرك عن غير جدّ، واغترفه من بديهه العدّ. وكلّهم لو شاهده لرضي بأن يدعى السّكيت في حلبة سيّدنا فيها سابق الرهان، وتمنّى أن يكون زجا في قناة هو منها موضع السنان، ولمّا وردت مع عبده موسى تلك الغرائب المؤنسة، والقلائد المنفسة، أبطلت كيد السّحار، وعصفت بهشيم الأشعار، فوجد في وطنه أشباح أوزان تتخيّل، وانقاد أذهان تتهيّل، فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون.
شاهدناه فيما سمعناه المعنى الحصير، في الوزن القصير، كصورة كسرى فى كأس المشروب، وتمثال قيصر في الإبريز المضروب، لم يزر به ضيق الدّار، وقصر الجدار، إن تغزّل فحنين العود، أو تجزّل فهدير الرعود، وإن كان استصغر من ذلك ما استكثرناه، واستنزر من أدبه الذي استغمرناه.
منها:
وإن كان في وانية آدابنا بقيّة إرقال، ولآنية أفهامنا خفيّة صقال، فسوف تنتفع، وهو