للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، ولا صوان يتدفّق نهره بين حواشيه، إلّا أنّ ما يوجد به ينازع الأهيف الألمى ما بين شفتيه، ويغالب الظبي الأغنّ على ما في مقلتيه، كأنّما شقّ عنه الزّهر من الكمام لبّتيه، أو آواه الروض في الخمائل بين لابتيه.

ولقد تطلّب القاضي الفاضل رحمه الله ديوان المنازي فعزّ حتى كأنّه لم يكن موجودا «١» ، ولا كان إلّا آلى أن يفارقه فجاوز معه ملحودا، على أنّه الباقي بما تتفرّقه الألسنة وجود المشرق كالشمس على صفحات الأيام فلا تستطيع له جحودا. وأجاب من طلب الفاضل منه هذا الديوان بجواب قال فيه:

وأقفر من شعر المنازي المنازل

فأعجب الفاضل بجوابه، وقال: إن فاتنا نجح طلابه فما فاتنا حسن خطابه.

وكان بين المنازي والمعري «٢» اجتماع طرب له الدهر وضرب له بسهم رقص الحباب له على جنبات النهر، وكان ذا إلف للحدائق تفيّأ ظلالها، وتهيّأ طبعه السلسال لرشف زلالها ومصابحة خلقه البهيّ لو سيمها، ومقاومة خلقه السريّ لنسيمها، ومراوحة ما تديره كؤوس الورد من سلاف رحيقها، ومراودة أبكار الرياض على فضّ ختام الأرج وافتضاض

<<  <  ج: ص:  >  >>