منكورة. وكان لا يمشي إلّا متقلّدا بسيف، ولا يمسي إلّا مترقّبا لضيف. حمل السيف إلّا أنّه ما أعمله، والرّمح أنّه ما زاد على أنّه اعتقله. وزعم أنّه من ولد أكثم بن صيفي «١» حكيم العرب، ويكتم من هوى البداوة أيّ أرب. تشبّه بأهل البادية «٢» في الحاضرة، وتشبّث بأهداب الأسلاف الغابرة، وكان متمذهبا للإمام الشافعي رضي الله عنه، وتفقّه بالريّ على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزان «٣» ، وتكلّم في مسائل الخلاف، وتقدّم بشمائل آداب أرقّ من السلاف، وغلب عليه الأدب لتوفيره على مادّته، واستقامته في جادّته، فإنّه لم يبق إلّا طالب لإفادته، وسالب إجادة كلّ محسن لإجادته، وله رسائل فصيحة بليغة «٤» إلّا أنّها ما أفرغت في قوالب حسن الصيغة؛ لأنه نحابها منحى القدماء