للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له الإمام: أنت ابن عنين الدمشقي- ولم يكن يعرفه من قبل- فقال: أنا هو. فأدني من مجلسه، وأسنى له خالص ودّه وأنفسه.

ولم يبق من أهل المجلس إلّا من كتب شعره، ورواه، ثم كان لا يؤثر إلا هواه.

وأشعاره كلّها موضع استحسان، ومجمع إحسان. فمنه قوله يمدح المعظم نوبة دمياط، وهو: «١» [الطويل]

سلوا صهوات الخيل يوم الوغى عنّا ... إذا جهلت آياتنا والقنا اللّدنا

غداة لقينا دون دمياط جحفلا ... من الروم لا يحصى يقينا ولا ظنّا

قد اتّفقوا رأيا وعزما وهمّة ... ودينا وإن كانوا قد اختلفوا لسنا

(٦٨) تداعوا بأنصار الصليب فأقبلت ... جموع كأن الموج كان لهم سفنا

عليهم من الماذيّ كلّ مفاضة ... دلاص كقرن الشمس قد أحكمت وضنا

وأطمعهم فينا غرور فأرقلوا ... إلينا سراعا بالجياد وأرقلنا

فما برحت سمر الرماح تنوشهم ... بأطرافها حتى استجاروا بها منّا

سقيناهم كأسا نفت عنهم الكرى ... وكيف ينام الليل من عدم الأمنا

لقد صبروا صبرا جميلا ودافعوا ... طويلا فما أجدى الدفاع ولا أغنى

رأوا الموت من زرق الأسنّة أحمرا ... فألقوا بأيديهم إلينا فأحسنا «٢»

منحنا بقاياهم حياة جديدة ... فعاشوا بأعناق مقلّدة منّا

ولو ملكوا لم يأتلوا في دمائنا ... ولوغا ولكنّا ملكنا فأسجحنا

فكم من مليك قد شددنا إساره ... وكم من أسير من يد الأسر أطلقنا «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>