للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وركائب النجوم طليحة، المنقولة إلى أقصى البلاد، المحمولة على الرواة ورقاب الحسّاد. التي خلّت الدّرّ أصدافا، وحلت فاؤها فما تركت نطق كلّ شاعر همّ بأن ينطق بمعارضتها إلا فأفأ.

وكان سبب نظمه لها، أنه قيل له وهو على مجلس الشراب، وقد أخذ منه:

لقد أكثر الشعراء في وصف هذا اليوم، فلو عملت فيه. فأخذ دواة وقرطاسا وكتب لوقته هذه القصيدة عن آخرها. هذا ونجوم الكؤوس حوله سائرة، وأدوار الترك عليه دائرة، والخمر قد ضربت على رؤوس الشرب سرادقها، والعقول قد أنكرت في أفهام القوم حقائقها. ثم لم يزل يكتب والساقي بكأسه يصافحه ويحاسبه على نوبته ولا يسامحه، وهو على طلقه كأنه يقتدح الفهم من قدحه، ويلتقط الدرّ من حباب كؤوسه لمدحه، وهو يغالب النوم. فلما أكملها، سقط لجنبه ونام، والسّكر قد عجّل قضاء نحبه. فلما بشّر طائر الديك بالصباح، وهزّ لارتياحته به خافق الجناح، نهض به جلساؤه إلى الحمام، لغسل ظاهر دنس ذلك الإثام. فلما قضوا منه إربهم، وقاربوا منقلبهم، أذكروه بما كان منه، فأنكر أن يكون أجال في هذا فكرا، أو افترع خاطره عونا ولا بكرا. ثم لما رأى كلمة إجماعهم، وراب كذب شكّه نزاعهم، قال: دعوني أبادر هذه العورة البادية لأسترها، وهذه السّوءة الفاضحة لأقبرها. فكيف يكون عبث المخمور، وكلام من ضرب السكر بينه وبين عقله بسور. ثم أخذ في تعجيل الحميم، ومواثبة الخروج لتصحيح نتيجة فهمه السقيم، فخرج وخرجوا معه، لينظروا ما صنعه، فلما أتوا موضع منامه، ومصرع مدامه، أخرجوا تلك الورقة التي ضمّنت تلك الشذور قراطيسها، وقدحت من شرارة شعاع تلك البراح مقاييسها، فأوموا لها سجودا، ونكسوا رؤوسا، ومدوا إليها أيديهم ليتناولوها مما ادّخروه كؤوسا، ثم علموا أنها (٢٠١) آية أحمدية، جاءت ببقية ما جاءت به السّحرة لموسى، وهي: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>