عجبا لفودي بعد فقد شبيبتي ... وكأنّ ضوء الشّيب فيه ظلام «١»
لّما نضت عنه اللّيالي صبغها ... خلعت عليه ضياءها الأيّام «٢»
وقوله:«٣»[السريع]
لا غرو إن قصّ جناحي الرّدى ... فعذره في فعله واضح
يضرب عن ذي النّقص صفحا ولا ... يقصّ إلّا الدّرهم الرّاجح
قلت: والأشبه بهذا أن يكون قول ملك متظلم أعيا لحاقه القرناء، وعنّى بعده الأمثال، فوقفوا وجرت سلاهبه، وتصنّعوا وأتت طبعا مواهبه، تلتهب ذكاؤه والخلق تغشاه، وينهب نائله والأسد تخشاه. رأى نفسه فوق الجوزاء، وخدين الشهب الأغراء. قد جعل للآمال مآلفا، وللآمال ملتفا. يسدي الرّفد إلى أربابه، ويحسب المجد من آرابه، فبلي بداهية الدهر، وشنعاء الحادث النكر، وقدم عليه من لا يدرك أدنى شوطه إذ يسعى على مهل، ولا تقمص بخلق جلبابه إلا إذا فضل. فلم يجد إلا أن تنفّس الصعداء، ويتحمل الداء. لا يقعده إذا بدر إلا سابق القدر، وإلا فهو أوثب من أرقم، وأمرّ إذا غضب من علقم. لو قد قام لاقتاد دهم الليل في رسنه، واخضرّ الشجر مخبلا بوسنه، ولكنه فردد لا يغالب، وسؤدد هدر ما ثمّ من به يطالب.
عدنا إليه. قال أيضا في البازي:«٤»[الكامل]
قد ارتدى ذيل الصباح الأكهب ... والصّبح مثل الماء تحت الطّحلب «٥»