للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسهره لراقد. بديهة في التحصيل اعتادها، وقدرة على صيد شوارد المعاني لا ينكر له إذا صادها. عجبا له وهو في هذا النّسب العريق، والمشابهة في التخلّق والتخليق، كيف خالف عادة مثله في الوفاء، وكيف حمد من نوعه كلّ مضمر، ووصف وهو بالجفاء، إلّا أنّ محاسن شعره نطقت، ويد المعرفة به سبقت، وله حقّ الصّحبة التي كانت إنفاقا، فليتها لا كانت ولا أنفقت. ومن بدائعه قوله فيما كتب به إليّ: [الكامل]

أبدا يجدّد لي الحمام إذا شدا ... ذكراك في الليل البهيم إذا هدى

يا غصن بان طار قلبي نحوه ... شوقا فبلّ جناحه قطر النّدى

أترى دمي في وجنتيك فإنّني ... عاينت خدّك لا يزال مورّدا

أم نار حسنك أوقدت في صحنه ... فوضعت قلبي منه خالا أسودا

عقد الجفون بكلّ نجم طالع ... طرف يطالعني على بعد المدى

شرقت به عين وغصّ بشخصه ... صدري وضمّ عليّ وارده يدا

ثمّ انتضته يد الفراق بيقظة ... من مقلتيّ وكان فيها مغمدا

منها:

نجل الخليفة من قريش والذي ... حاز المفاخر طارفا أو متلدا

سلك الطريق إلى عديّ جدّه ... في المجد والحسب الصريح فما عدا

(٢٧٤) وجلت مخايله الرئاسة إذ نضا ... عنه الغمامة ثمّ لاث السؤددا

أورى زناد الدين بعد خموده ... حينا ونار الجاهليّة أخمدا

وعصى دعاء اللات بعد بلوغه ... وأطاع في الله النبيّ محمّدا

بنيت معاليه على قصد القنا ال ... خطّيّ إذ سلك الطريق الأقصدا

وأقام أعمدة المآثر وارتقى ... درج المعالي في السّيادة مصعدا

وأحلّ أسرار الممالك صدره ... فحنت أضالعه عليه تودّدا

<<  <  ج: ص:  >  >>