من المعدنيات لكونها لا ورق لها ولا ثمر، وتشبه النبات لكونها نامية كما ينمو النبات.
وأما النبات فأوله متصل بالمعدنيات وآخره بالحيوان، أما أوّله وأدونه مما يلي التراب فخضراء الدمن والكمأة، وآخرها وأشرفها مما يلي الحيوان النخل لأن خضراء الدمن ليس إلا غبار يتلبد من الأرض، تصيبها بلل الأمطار، فتصبح بالغدوات خضراء كأنها حشيش. فإذا أصابها حر الشمس جفّت، ثم تصبح من الغد مثل ذلك من نداوة الليل وطيب النسيم. ولا تنبت الكمأة ولا خضراء الدمن إلا في زمن الربيع، فأحدهما نبات معدني، والثاني معدن نباتي. وأما النخلة فإن أحوالها مباينة لأحوال النبات لأن أشخاص الفحولة منه مباينة لأشخاص الإناث، ولفحولته في إناثه لقاح كما في الحيوان، وإذا قطع رأس النخلة يبست وبطل نموها كالحيوان. وبهذا الاعتبار، وما تقدم في صفة النخلة، وكونها تشبه الآدمي من الوجوه المتعددة المتقدمة، بأن النخلة نبات حيواني.
وأما الحيوان فأوله يشبه النبات، لأن أدنى الحيوان ما ليست له إلّا حاسة واحدة من الحواس الخمس، وهي اللمس، [و] هو الحيوان المسمى بالحلزون وهو دودة في جوف أنبوبة حجرية توجد في السواحل، وتلك الدودة تخرج نصف بدنها من جوف تلك الأنبوبة وتنشط يمنة ويسرة تطلب مادة تتغذى بها، فإذا أحست برطوبة أو لين انبسطت، وإن أحست (٧٦) بصلابة انقبضت ودخلت في جوف الأنبوبة حذرا من مؤذ لجسمها، وليس لها سمع ولا بصر ولا ذوق ولا شم إلا اللمس فقط، وهذا حال أكثر الديدان المتولد [ة] من الطين، فهذا حيوان نباتي لأنه ينبت جسمه كما ينبت النبات.
وأما مرتبة الحيوان الذي يلي الإنسان فالقرد، لأن شكل جسده قريب من جسد الإنسان، ونفسه تحاكي أفعال النفوس الإنسانية؛ وكذلك الفرس الجواد،