للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الخيل الأصايل لها ذكاء وحسن أدب وكرم أخلاق، فربما لا تروث ما دام الملك راكبا عليها، ولها إقدام في الهيجاء وصبر على الطعن. وكذلك الفيل فإنه يفهم الخطاب، ويمتثل الأمر والنهي على ما سبق وصفه «١» كالإنسان العاقل.

وأما مرتبة الإنسانية التي تلي الحيوان، فإن أدنى مرتبة الإنسان رتبة الذين لا يعلمون من الأمور إلا المحسوسات، ولا يرغبون إلا في زينة الدنيا ولذاتها من الأكل والشرب والنكاح. قال تعالى في تشبيههم بالحيوان (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) فهم يرتعون في الدنيا كالخنازير والحمر، ويدخرون ما يحتاجون إليه كالنمل، ويتهارشون على حطام الدنيا كالكلاب على الجيف، فهؤلاء وإن كانت صورهم صور الإنسان فإن أفعال نفوسهم حيوانية.

وأما مرتبة الإنسان «٢» التي تلي الملائكة، فهي مرتبة الذين انتبهت نفوسهم من الغفلة، وانفتحت منهم أعين البصيرة حتى نظرت بأنوار قلوبها ما غاب عن حواسها، وشاهدت بصفاء جواهرها عالم الأرواح الملائكة، وتبين لها سرورهم ونعيمهم، فرغبت في ذلك، وزهدت في نعيم الدنيا، وأقبلت على تحصيل الآخرة، فهم من أصناف الملائكة مع خلطتهم لأبناء جنسهم من الآدميين، فإذا علمت هذه المقدمة وفهمتها علمت أن ذلك بتقدير حكيم عليم، رتبها ترتيبا حكيما، وأبرزها إبرازا عليما، ذلك تقدير العزيز العليم.

أما أقسام المعدنيات (٧٧) فهي كما ذكرنا أجسام متولدة من الأبخرة والأدخنة المحتبسة في الأرض إذا اختلطت على ضروب من الاختلاطات، مختلفة في الكم والكيف؛ وهي إما قوية التركيب أو ضعيفة التركيب. والقوية التركيب إما متطرفة وغير متطرفة؛ والمتطرفة هي الأجساد السبعة التي يقال لها

<<  <  ج: ص:  >  >>