قال: وزير يكون وزيرا ابن وزير كما أنك خليفة بن خليفة بن خليفة.
فقال: هل تعرف وزيرا هذه صفته؟
فقال: نعم جعفر بن برمك، فإنه ورث الوزارة أبا عن جد إلى زمن أزدشير، ولهم كتب مصنفة في الوزارة يعلمونها لهم، لا يصلح لوزارتك غيره.
فكتب سليمان إلى والي بلخ وأمره بإرسال جعفر إلى دمشق بالإعزاز والتجمّل، وإن احتاج إلى مائة ألف دينار.
فلما وصل إلى دمشق، ودخل على سليمان وقبّل الأرض، رأى سليمان صورته فاستحسنها، (١٠٩) وتحرك له، وأمره بالجلوس بين يديه؛ فما كان إلا يسيرا حتى عبس سليمان وجهه، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله! قم من عندي، فأقامه الحاجب، وخرج به من عنده.
ولم يعرف أحد سبب ذلك، حتى خلا سليمان بندمائه، فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين! طلبت جعفر من خراسان بإعزاز فلما حضر أبعدته!
قال: لولا أنه جاء من أرض بعيدة لضربت عنقه، لأنه حضر بين يدي ومعه السم القاتل.
قال ذاك القائل: أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أكشف هذا؟ فأذن له، فذهب إلى جعفر، وقال: إنك لما حضرت عند أمير المؤمنين كان معك شيء من السم؟
قال: نعم! وهو معي الآن تحت فص خاتمي هذا، لأن آبائي احتملوا من الملوك مشاقّ كثيرة لما طلبوا منهم الأموال وعذبوهم بأنواع العذاب، فإني خشيت أن أكلف شيئا مما كلفوا أولئك ولا يكون لي به طاقة، فعند ذلك أمص خاتمي هذا واستريح من إهانتهم وعذابهم.