فإنه ينبغي أن يستعمل منه ما كان أبيض «١» متساوي الأجزاء؛ وقد يكون منه شيء جيد بقبرص الذي يقال له سالامنتي «٢» ، والموضع الذي يقال له ماغرا. وقد يكون منه شيء جيد بصقلية، [و] بالبلاد التي يقال لها لينوي منه شيء جيد، إلا أنه دون الأول. وينبغي أن يختار منه ما كان موجودا في مواضع المياه القائمة.
وقال جالينوس في الحادية عشرة: الملح المحتفر والملح البحري قوتهما واحدة [بعينها] في نفس الجنس، وإنهما يختلفان في أن جوهر الملح المأخوذ من الأرض لا يعرض له ذلك. والملح المتولد في البحيرات، والنقائع التي فيها ملوحة، نوعه شبيه بنوع الملح البحري، وهذا الملح المتولد في البحيرات والنقائع إنما يكون عند ما يفنى الماء في الصيف فيها كأنه تحترق [مياهها، فتتحجر الحمأة الشديدة الحرارة]«٣» بمنزلة الملح الذي يكون في طراغيسون بالقرب من منيس، وذلك أنه يجتمع هناك من مياه الحماءات الشديدة الحرارة شيء كثير، ومجتمعها واستنقاعها في موضع ليس بالواسع كثيرا، ولا يزال هذا الماء في جميع أوقات الصيف يفنى ويجف بحرارة الشمس أولا فأولا، ولأن في الموضع نفسه ملوحة طبيعية تصير جميع ما يبقى من الماء هناك ملحا يسمى باسم مشتق من اسم الموضع، ومن اسم ذلك الماء ملح طراغيسي، لأن الماء الذي في ذلك الموضع من الحماءات يسمى ماء طراغيسيا، وقوته قوة مجففة جدا، والأطباء يستعملونه في ذلك البلد للتجفيف.
وقد كنت قلت في الملح الذي بسدوم، وفي البحيرة المعروفة بالمنتنة، في