للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشتاء، فيجمده (٢١٩) ويعصره فيصير ماء، ثم ينزل مطرا وثلجا. والجبال في أجرامها مغارات وأهوية وأوشال وكهوف، فتقع على قللها الأمطار والثلوج، فتنصب إلى تلك المغارات والأوشال، فتبقى مخزونة، ويخرج من أسافلها ضيقة، وهي العيون، فيسيح منها الماء على وجه الأرض، فيحيي به العباد والبلاد، وما فضل ينصب إلى البحر. فإذا فني ما في الجبال من المياه النازلة فيها من الأمطار لحقها نوبة الشتاء فعادت إلى ما كانت، ولا تزال هكذا دائبا إلى أن يبلغ الكتاب أجله، فسبحان من لا يطلع على دقائق حكمته ومصنوعاته إلا هو.

فإذا وقعت الأمطار والثلوج على الجبال تنصب الأمطار إلى المغارات، وتذوب الثلوج، وتفيض إلى الأودية التي في الجبال، فتبقى مخزونة فيها وتمتلئ الأوشال منها في الشتاء، فإذا كان في أسافل الجبال منافذ ضيقة تخرج المياه من الأوشال في تلك المنافذ، فيحصل منها جداول، وتجتمع بعضها إلى بعض، فيحصل منها أودية وأنهار، فإن كانت تلك المياه في أعالي الجبال يستمر جريانها أبدا، لأن مياهها تنصب إلى سفح الجبال، ولا تنقطع ماديتها لوصول مددها من الأمطار، وإن كان في أسافل الجبال فتجري منها الأنهار عند وصول مددها، وتنقطع عند انقطاع المدد، وتبقى المياه فيها واقفة كما ترى من الأودية التي تجري في بعض الأيام وتنقطع عند انقطاع مادتها.

قال صاحب جغرافيا «١» : إن في هذا الربع المسكون مقدار مائتين وأربعين نهرا طوالا، منها ما طوله من خمسين فرسخا إلى مائة فرسخ، إلى ألف فرسخ، فمنها

<<  <  ج: ص:  >  >>