مثل يزيد بن الوليد بن عبد الملك من الأمويين، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم من الأمويين بالأندلس، والمهتدي بالله محمد بن هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، من العباسيين على الرغم من تأخر عهدهم وضعف دولتهم.
إن هذا السّفر صورة صادقة للحياة العربية في ازدهارها وحضارتها وغناها وانتشارها، وصورة لحياة الأمم وسقوطها وتشتتها وانهيارها، وللمؤلف ابن فضل الله العمري منهج متميز في دراسته وعرضه للأحداث والأخبار، فهو يبدأ كل ترجمة بمقدمة يعرض فيها ملخصا لسيرة صاحب الترجمة، وأهم مميزاته، والظروف والأحداث التي مرت به، بأسلوب أدبي يغلب عليه السجع، وهو أسلوب جميل رفيع يدل على ثقافة عالية ودراية واسعة ومحفوظ كثير، من الأشعار والأمثال والخطب، التي يستعير بعضها ويضمّنها في أسلوبه، ثم بعد هذه المقدمة التي قد تطول وقد تقصر، يذكر أهم صفات الخليفة وسيرته، والأحداث التي شغلته، وبعض رجال عصره، ينقل ذلك من المصادر التي سبقته أو التي عاصرته، ينقل أحيانا ما يختاره نقلا حرفيا، ويلخص في أحيان أخرى، ويصوغ بعضها بأسلوبه، ويشير في كل ذلك إلى الكتب التي أفاد منها، ونقل عنها، وقد ينفرد بمعلومات لا نجدها في كتب التاريخ والأدب، وهو في كل ذلك يلتزم جانب الحياد والموضوعية دون ميل أو تعصب، إلا في الحالات التي يرى أن الفساد قد عمّ فيها وطمّ، وهو في منهجه هذا مثال الباحث الفذ الأصيل الذي يصلح قدوة لكثير من الباحثين المحدثين الذين تنقصهم الأمانة والعدل والموضوعية.