للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتنع بحصن الكرم، وبويع المستنصر ثم آل الأمر إلى أنه وفد على المستنصر طائعا بقرطبة، واحتفل له المستنصر وتلقاه، وجلس له، وأنشدت الشعراء، ومنهم ابن شخيص، وقال:

[الطويل]

أمية قد عادت بنو حسن لكم ... كما كان فيما قد مضى حين سلموا

فعودوا عليهم بالذي قد تعودوا ... من الحلم والرحمى فذلك أكرم

قال: وكان معه جمع من الحسنيين فيهم صبي لم يبلغ الحلم فلما رأى ما عوملوا به من الإكرام، بكى فقال له بعض أقاربه: ما يبكيك [ص ٢٧] وأنت ترى هذه النعم؟ فقال: النقم في عزنا حيث كنا، خير من هذه النعم في ذلنا لبني أمية، قال: وافترقت الأدراسة فرقتين، فالمحمديون من ولد محمد بن إدريس المثنى، مالوا إلى ابن عمهم المهدي عبيد الله بأفريقية، والعمريون من ولد عمر بن إدريس، مالوا إلى الناصر الأموي، وكتب إليه رئيسهم كتابا قال فيه: وقد أنعم الله علينا يا أمير المؤمنين بأن صرف همّتك إلى ناحيتنا، ووكل عزمك بعدوتنا، ولقد كنا نتمنّى ذلك ونستبطئه منك إلى أن تمم الله عزمك، ويسرك إلى توفيقه، مما نرجو أن نرتقي فيه بك إلى أفضل المحطّ «١» وأشرف المنازل، وقال فيه: إن بلد البربر تغلّب عليه قوم ملكوا أنفسهم من زمن عمر بن عبد العزيز وجرت عادتهم بجحد السلاطين، ودفع الأئمة، إلى أن دخل إليهم جدنا إدريس بن عبد الله، هاربا من عبد الله الملقب المنصور، بعد أن قتل أخويه محمدا وإبراهيم، وشرّد أهلهم، فلما صار إليهم جدنا، واستجار بهم، أجاروه ورعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>