عدم التصور، ربما حدث بأنواع من [ص ٥٥] الحدثان، وتكلم بأسجاع مثل سجع الكهان، وعبدة الأوثان، وبلغ مدة في الكبرياء، ثم بقي مدة لا يأنف من مخالطة الأدنياء، وكان يركب حمارا له ويدور، وقدامه عبدان بأيديهما حربتان، ويشق القاهرة ومصر، ويخالط العامة، ويخرج إلى الحاجر، ويطلع إلى الجبل، ثم ربما ردّ العبدين وسار وحده، وغاب اليوم واليومين والمدة، ثم يلاقيه الموكب إلى مكان يكون قد واعد إليه العبدين، في وقت يوقته، وميعاد لا يفوته، ثم كشف الغطاء وباح، وقال علوه واستراح، وادّعى فيه الألوهية، وقال مقالة فرعون، ونصب نفسه للناس طاغوتا، وأخذ بعض الناس بالقول أخذا مبغوتا، وأمر بعض أشياعه بأن يحتال له في إظهار هذه المقالة، وضم إليه قوما من الرجال القالة، فأتى ذلك الداعي الشيطان الرجيم، وأمر بأن يكتب:(بسم الله الحاكم الرحمن الرحيم) ، وجرى في هذا من الفتن ما ذهبت به نفائس ونفوس، وانتهبت به أموال ورؤوس، ودارت به دوائر سعود ونحوس، وأماير نعيم وبؤس، مما هو ملء التواريخ، وتتضع له غرّ الذرى الشماريخ، تبارك الله وتعالى جده، ولا إله غيره، وتقدس اسمه عما يقول الظالمون، ويجهل الجهال، أو يزل العالمون، ثم لما عظم البلاء به، فتفاقم وسقم به الملك أو تساقم، خافت أخته أمة العزيز المعروفة بست الملك، أن يقفر منهم دست الملك، فتلطفت في تلك الحيلة، وأكمنت له رجالا حتى قتلته غيلة، وكان قد خرج في بعض مخارجه، وتعرض في نواحي حلوان، وطلب جهة برّ لا يأنس بها آنس ولا غيره من الحيوان، ثم طالت غيبته، وخالف عادته في ملاقاته، في الوقت الذي كان يوقته، فتعهد المكان الذي واعد فيه للملتقى، وتفقّد ففقد إلى يوم اللقا، ووجد هناك حماره وجبابه مزررة، كأنها عليه وما فكّت أزراره، إلا أن فيها آثار ضربات بالسكاكين، ولا عليها دم ولا [ص ٥٦] آثار لوث يبين، فقال الناس مات، وقال أهل شيعته غاب وهو آئب.
قلت: وإلى يومنا هذا، وأظن إلى يوم النشور، ثمّ من يقول بغيبة