الحاكم، وإنه لابد أن يرجع ويكون له ظهور، وفيما بين البقاع وبيروت أمم تدين بهذا الدين، وتعتقد ألوهية ذاك اللعين، وكان الحاكم كريما سفاكا، لا يمنع مورده عن الظماء، ولا مهده عن الدماء، لكنه في جميع أموره ثارات، ومرة في اختلاف الأحوال ينفذ فيها العبادات، وولد بمصر في ليلة الخميس الثامن والعشرين من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، وولي بعهد من أبيه، وبويع يوم الخميس سلخ رمضان سنة ست وثمانين وثلاث مائة، وله أحد عشر سنة، وكانت خلافته إلى أن فقد خمسا وعشرين سنة.
قال صاحب بلغة الظرفاء: وسبب عدمه أنه خرج في ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال، بعد أن طاف ليلته كلها على رسمه، وأصبح عند قبر الفقّاعي، ثم توجه إلى شرقي حلوان، ومعه ركابيان، فأعاد أحدهما مع تسعة من العرب السويديين، وأمر لهم بجائزة، ثم أعاد الركابي الآخر، ولما عاد ذكر أنه خلفه عند القبر والمقصبة، وبقي الناس على رسمهم يخرجون يلتمسون رجوعه بدواب الموكب كل يوم خميس، إلى سلخ الشهر المذكور، ثم خرج يوم الأحد ثاني ذي القعدة مظفر صاحب المظلة، وحظي الصقلبي، ونسيم متولي السير، وابن سبكتكين التركي صاحب الرمح، وماضي القرشي، مع جماعة كلهم من خواص دولته، فبلغوا دير القصير، والموضع المعروف بنسيوان؟ ثم أمعنوا في الدخول في الجبل، فبينما هم كذلك، إذ بصروا بالحمار الذي كان راكبه على قرنة الجبل، وقد ضربت يداه بالسيف، فأثر فيهما، وعليه سرجه ولجامه، فتتبّع الأثر، فاذا أثر الحمار في الأرض، وأثر راجل خلفه، وراجل قدامه، فما برحوا في طلب الأثر إلى أن انتهوا إلى البركة التي في شرقي حلوان، فنزلها [ص ٥٧] راجل من الرجالة، فوجد فيها ثيابه، وهي سبع جبب، وجدت مزررة لم تحل، وفيها أثر السكاكين، فأخذها ماضي وجاء بها إلى القصر، فلم يشك في قتله.