البلاد، فحمى لأجله ووافاه بخيله ورجله، ثم عدّى إلى الجيزة واندفع شيركوه إلى الصعيد «١» فلحقوه في الناس قريب منية ابن خصيب، ووقف لهم شيركوه وواقفهم، فانكسر شاور والفرنج، وأخذ صاحب قيسارية أسيرا، ووصل إلى شاور بالفرنج إلى القاهرة مهزومين، وسار شيركوه إلى الاسكندرية فدخلها وأقام بها مدة، وسمع بها شاور والملك مري، فجيّشوا جيوشا عظيمة وأتوا الإسكندرية في طلبه، فنزل بها ابن أخيه صلاح الدين في شرذمة قليلة وأصعد هو وعسكره إلى الصعيد، فجبى منه مالا جليلا، وأقام شاور على الإسكندرية خمسة وسبعين يوما، ثم رجع شيركوه حتى نزل على [ص ٧٠] القاهرة ونازلها، وضيق على من فيها، فصالحوه على أنه يرتفع عنها، ويرتفع شاور عن الإسكندرية، ثم خرج صلاح الدين واجتمع بعمه شيركوه، وأتى شاور القاهرة وأقام مدة فوافاه الملك الرومي صاحب الشام والسبتار في جمع عظيم، فنزلوا على بلبيس وفتحوها عنوة وقتلوا رجالها وعجلوا آجالها، وسبوا نساءها وأطفالها، وأبكوها بكاء التوجع والتوعج فعدت آمالها، وسمع شاور فخرج إلى مصر وأحرقها ونهبها، ونكر محاسنها وأذهبها، وترك الرومي على القاهرة وعوّل على فتحها، ثم عدل على صلحها، فبذل له أهلها مائتي ألف دينار، فما قنع بها، وطلب ألفي ألف، فرأى العاضد ووجوه دولته أن يستعينوا بشيركوه، فأتى هو وجيوشه العاضد وأدركوه وراسلوا نور الدين فأمدهم بجيوش ما سمعوا بخبرها، حتى رأوا طلائع عسكرها، فلما سمع به الفرنج ارتحلوا لا يلوون على شىء، ودخل شيركوه القاهرة، وخلع عليه العاضد خلعا سنية، وأضافه ضيافة تامة، وأقام له الأتراك، ونزل بظاهر القاهرة، ثم كان شاور يتردد إليه، فخرج إليه يوما مسلما فأوقع به صلاح الدين ومن معه، وقتل ابنه شجاع الملقب بالكامل، وكان خيرا