من أبيه يأمره بالخير، وأشار عليه ألا يستنجد بالفرنج، فقال: دعني من رأيك فإنني أخاف ألا أملك، فقال له: أن تهلك وأنت وحدك خير من أن تهلك أهل مصر كلهم، وكذلك قتل ابنه احرطي الملقب بالمعظم، وأخوه فارس المسلمين، وطيف برءوسهم على الرماح، وخلع على شيركوه بالوزارة في سابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمس مائة، وتوفي يوم الأحد الثالث والعشرين من رجب منها، ثم وزر بعده صلاح الدين يوسف، ثم قطع خطبة [ص ٧١] العاضد بعدها، وخطب للمستضىء، ولم يعش العاضد بعدها إلا أياما يسيرة ثم مات، ومشى صلاح الدين وعليه طيلسان وعمامة في الجنازة، وقعد للعزاء وبكى بكاء لم يشف به الحزازة، فانه ندم على ما كان من خلع رداء تلك الدولة خوفا من نور الدين لا يقصده ويطلب ما يحتج به فلا يجد ما كان يجد بالعبيديين من الحجة في ملاواته «١» والتستر بهم من سهام مناواته، ثم كان يقول: لو علمت بسرعة أجله ما روعته بالخلع، واختلف في موته، فقيل: إنه علم بالخلع فسمّ نفسه، والجمهور على أنه كان عليلا وأخنى عنه ضر الخلع، ومات حتف أنفه، وأخذ أهل القصر وحبسوا، وفرّق بين الرجال والنساء قطعا لنسلهم واجثاثا «٢» لشجرتهم الخبيثة من أصلهم، وكانت مدة ملكهم منذ فتحوا مصر إلى أن خلع العاضد مائتين وخمس عشرة سنة، وكان صلاح الدين يشكر العاضد ويصف كرمه ويقول: استمددته بمال لسداد دمياط فأمدني بألف ألف دينار من العين والعروض، وكان لا يزال يتذكره ويتندم على فعله، حيث لا يمكنه استدراك الفارط، ولا يقدر على استرجاع الفائت، ومرّ عمارة بالقصر «٣» فرآه خاوي الأركان خالي الأقطار من السكان، وكان يعهده لسجود