للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث المصريين في مجلس القاضي الفاضل، فسألته: كم كانت عدتهم في عرض ديوان الجيش لما كان متوليه أيام رزيك بن صالح؟ فقال: كانت أربعين ألف فارس ونيّفا وثلاثين ألف من السودان. وحكى أن الأمير الكبير باركوج اشترى من الديوان السلطاني عدة آدر وخرابات بمصر ليستعين بأنقاضها على عمايره، وكان من جملتها دار كبيرة وصفت له وذكرت عنده، فتوجه إليها، وتسرع الغلمان لإزعاج من فيها، فسمعهم يبكون فسئل عن ذلك، فقيل له:

هؤلاء بعض عيال المصريين، فلما أخرجوا من دورهم بالقاهرة آووا إلى هذه الدار، وهم لا يعرفون أين يذهبون إذا خرجوا، فبكى واستدعى بعضهم برفق وأطاب قلوبهم ووهبهم الدار، وكتب لهم خطة بها، وجعلهم على ثقة من التصرف فيها، وما فسح لهم في بيعها أن آثروا الانتفاع بها، وانصرف عنهم معتذرا. وقال ابن مماتي: حدثني الشريف النسابة النقيب أسعد بن الحواتي، قال: سكنت في مصر بدار عتيقة الأشرف، وكانت لي زوجة كنت أبات أنا وإياها في بادهنج بها، فاستيقظت ليلة فقالت: رأيت في النوم قائلا يقول لي: احفروا تحت الطيلسان الرخام الذي تحتكم وخذوا ما تجدونه من المال تنفقوا به، فقد آن ظهوره، فقلت لها أنا رجل فقير، وهؤلاء الأشراف لا يطاقون، وأخاف أن ينكسر الطيلسان في قلعه ولا نصيب شيئا فأتعجل الغرامة، ومنعتها منه بكل حيلة، ثم رأت المنام بعينه مرة أخرى، وجريت على العادة في الامتناع، ثم رأت المنام ثالثا وكأنه يقول لها: أنتم محرومون، وما مضت إلا أيام يسيرة حتى أحرقت مصر، فما شعرت إلا وجماعة كبيرة من السودان قد هجموا الدار وقصدوا البادهنج فقلعوا الطيلسان واستخرجوا من تحته سماوية نحاس يكون فيها قدر مائة ألف [ص ٧٦] دينار فأغمي عليّ وكدت أقتل نفسي غيظا لما فاتني من الغنى، وسألتهم أن يعطوني ولو مائة دينار، فما فعلوا، وخرجوا كأنهم دخلوا دارهم وأخذوا مالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>