للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن مماتي: ومن غريب ما جرى في حريق مصر أن رجلا عمد إلى برنية «١» صير، فجعل فيها ألف دينار لتسلم من الريب، فما لبث أن هجم الغوغاء عليه بيته، فلم يكن له همّ إلا النجاة بنفسه، فتحامل إلى باب زويلة «٢» ، فبينا هو قاعد يستريح، وإذا ببعض من كان هجم عليه ومعه برنية الصير، فاشتراها منه بدر همين، ثم ذهب فاستخرج منها الذهب، وشرى به جميع ما أخذ له، ولم يزل يضارب فيه حتى نما وارتزق به.

وقال ابن مماتي: حدثني القاضي الفاضل قال: كان من أهل مصر رجل وله ابنة مستحسنة، فلما أحرقت مصر ونهبت أموال أهلها، خرج إلى البر العربي، وسكن في بعض الضياع، وقعد في حانوت، واتفق لنائب القطع أن رأى الابنة فهويها فتعلق قلبه بها فضيق عليها وتعرض لها، فما ظفر بمقصوده، وخطبها من أبيها فما رضي أن يكون زوجا لها، فتسلط عليه وقصده وآذاه، ولم يزل يدقق عليه الحيل إلى أن كتب عليه وثيقة بعشرة دنانير إلى أجل مسمى، وقدر أنها تتعذر عليه، فجدّ «٣» السبيل إلى أخذ البنت، قال: فلما كان في اليوم الذي يجب عليه فيه المبلغ، وقد أيس الرجل من نفسه، وأيقن بالشر، جاء إليه شاب فاشترى منه بدرهم عسلا وانثنى عنه، فسقطت منه خرقة مشدودة، فأخذها وحلها فوجد فيها عشرة دنانير، فأخفاها معه وقال: أخلّص بها نفسي من هذا الظالم، وأجتهد في تحصيل العوض وإيصاله إلى صاحبها، فلما كان غير ساعة حتى حضر إليه الخصم وطالبه، ورفعه إلى القاضي، فأعطاه العشرة دنانير التي وجدها، وأخذ الشهادة عليه بها، وعاد إلى حانوته وقد كفاه الله ما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>