العباس، ينادى عليها في السوق: هذه فلانة الحسنية أو الحسينية أو العباسية بدرهمين أو ثلاثة، فيشتريها الزنجي برسم النكاح، وكان الزنجي الواحد يكون له من هذه النسيبات نحو العشرة والعشرين والثلاثين، والأقل والأكثر يخدمن الزنجيات، فجهز المعتمد لحربه جيشا كثيفا مع قائد اسمه مفلح، فقاتله قتالا كثيرا، فظهر مفلح عليه، ثم أصاب سهم صدغ مفلح فقتله، ثم جهز المعتمد أخاه الموفق «١» في جيش آخر، فقاتله مرات، وواقفه مواقفا كثيرة، وأصاب الموفق سهم في صدره، فكتمه أياما، وعالجه حتى أخذ في البرء، ثم خرج لمحاربة الزنجي، ولم يزل الموفق إلى أن قتله في صفر سنة سبعين ومائتين، وكانت مدة هذا الزنجي الخبيث [ص ٨٢] أربع عشرة سنة وأربعة أشهر، وأدخل رأسه بغداد في جمادى الآخرة من هذه السنة، وأراح الله من كفره وفتنته وطائفته اللعينة وفتنه، واختلف الناس في مقدار ما قتل في مدة فريه «٢» ، فمنهم المكثر والمقلل، قال الغرناطي: فأما المقل فقال: أفنى خمس مائة ألف ألف وخمس مائة، ألف، وأما المكثر فقال: أفنى ما لا يعلم عدده إلا الله تعالى، فسبحان الحكيم الذي له في كل مقدر حكمة قد تلتبس على البصير وتنعمي، وكل شىء عنده إلى أجل مسمى، لا إله إلا هو عليه توكلنا وإليه المصير.