ويحيى، فقالوا: نحن، فقال: من منكم عبد الله؟ فيئس يحيى وطمع الاثنان، فقالا: كلانا عبد الله، فقال: أيكما ابن الحارثية؟ فيئس منها المنصور، وقال:
هذا ابن الحارثية، وأشار إلى أخيه، فقال: أكشف لي عن ظهرك حتى أرى العلامة التي فيه، فكشف له عن ظهره فرآها وقبلها، ثم قال له: امدد يدك أبايعك، فمد يده فبايعه إخوته وأهل بيته ورجاله، ثم ألبسه السواد، وركبه فرسا أشهب، وأركب أهله الخيل ملتئمين «١» بالسلاح، ثم أتى به المنبر يوم الجمعة، فمنع الخطيب الصعود، وصعد أبو العباس السفاح، ومعه عمه داود دونه بدرجة، فلما أراد السفاح الكلام أرتج عليه، فخطب عمه داود خطبة بليغة، ثم أخذ الناس بالمبايعة، وأهله حوله بالسيوف مسلولة بأيديهم، ثم أقام ثلاثة أيام، وخرج في جيش عظيم، فنزل الهاشمية، ثم فرّق جيشه، فأرسل أخاه أبا جعفر مع الحسن بن قحطبة إلى واسط لقتال ابن هبيرة، ووجه موسى بن عيسى إلى المدائن مع حميد بن قحطبة، واستخلف عمه داود على الكوفة.
وأما ما كان من مروان، فإنه لما أتاه الخبر خرج من حرّان «٢» ، فنزل منزلا سأل ما اسمه؟ فقالوا: بلوى، فتطير منه، فقال: بل بشرى، ثم سار حتى أتى الموصل، فأتى السفاح الخبر، فجمع أهله وقال: من يلقى مروان دوني؟ فقال له عمه عبد الله بن علي: أنا له كفء، فقال: صدقت وبذلك أخبر الإمام إبراهيم، فعقد له لواء أسود، وألبسه السواد، وأنهده إليه، ثم أنشد السفاح مرتجلا:
[البسيط]
يا آل مروان إن الله مهّلكم ... ومبدل منكم خوفا وتشريدا [ص ٩٨]