للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى دخلنا طوس، فنزل في منزل لحميد بن عبد الحميد، في ضيعة له تعرف بسر آباد، فبينا هو يمرض في البستان في ذلك القصر، إذ ذكر تلك الرؤيا، ووثب متحاملا، يقوم ويسقط، فاجتمعنا إليه، كل يقول له: يا سيدي ما حالك، وما دهاك، فقال: يا جبريل، تذكر رؤياك بالرقة في طوس، ثم رفع رأسه إلى مسرور، فقال: جئني من تربة هذه الأرض، فجاءه بها في كفه، حاسرا عن ذراعيه، فلما نظر إليه قال: هذه والله الذراع التي أريتها في منامي، وهذه والله الكف بعينها، وهذه والله التربة الحمراء، ما خرمت شيئا، وأقبل على البكاء والنحيب، ثم مات بعد ثالثة، ودفن في ذلك البستان.

وذكر علي الربعي عن أبيه قال: لما وصل الرشيد إلى طوس قال: احفروا لي قبرا قبل أن أموت، فحفر له، فقال: احملني، فحملته في قبّة أقود به، حتى إذا نظر إليه قال: يا بن آدم، تصير إلى هذا، قالوا: ولما فرغ من حفر القبر أنزل فيه قوما فقرأوا فيه القرآن، حتى ختموا، وهو في محفة على شفير القبر.

قال الطبري: ومات هارون وفي بيت المال تسع مائة ألف ألف ونيّف، وقال أبو الشيص يرثي الرشيد: «١»

[مجزوء الرمل]

غربت في الشرق شمس ... فلها العينان تدمع

ما رأينا قطّ شمسا ... غربت من حين تطلع

وقال أبو نواس:

[مجزوء البسيط]

جرت جوار بالسعد والنّحس ... فنحن في مأتم وفي عرس [ص ١٣٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>