إسحاق عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: مفاتيح الرزق بها متوجهة نحو العرش، فينزل الله تعالى على الناس أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثر كثر له، ومن قلل قلل له، قال الواقدي: وكنت قد أنسيت هذا الحديث حتى حدثني به المأمون، فكان أحظى عندي من الصلة.
وألّف سهل بن هارون «١» كتابا يمدح فيه البخل ويذم الكرم، ليظهر قدرته على البلاغة «٢» ، ورصع درته في ألطف الصياغة، ثم قدمه إلى المأمون على يد الحسن بن سهل، فوقّع عليه: لقد مدحت ما ذمه الله، وحسّنت ما قبح، وما يقوم صلاح لفظك بفساد معناك، وقد جعلنا نوالك عليه قبول قولك فيه.
وقال ظفر: وبلغني أن الرشيد أمر جماعة من العلماء بمبايعة المأمون وهو غلام، ليقتبس من آدابهم وعلومهم، فبات عنده ليلة الحسن بن زياد اللؤلؤي، فبينا هو يحادثه نعس المأمون، فقال له اللؤلؤي: نمت أيها الأمير، فاستيقظ وقال: سويقي ورب الكعبة، يا غلام خذ بيده، وأخرجه، فبلغ ذلك الرشيد فأعجبه، وقال متمثلا:
[الطويل]
وهل ينبت الخطيّ إلا وشيجه ... وتغرس إلا في منابتها النخل