للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم الموقعون إلى جانب المكان، لا يقع فيه نظر السلطان عليهم، ومدت الأسمطة، وقدمت الحجاب القصص «١» [١] إلي حاجبي صاحبه، وهو الحاجب الخاص المقدم على الكل، فيعرضها على السلطان، ثم إذا قام السلطان، جلس إلى كاتب السر فأدى إليه الرسائل بما رسمه السلطان في ذلك، فينفذها، ثم إذا قام السلطان من المجلس، جلس في مجلس خاص واستدعى العلماء، فيحضر من له عادة فيجالسهم، ويؤانسهم، ويأكل معهم، ويتحدث هو وإياهم وهم بطانته الخاصة، ثم يأمرهم بالإنصراف، ويخلو بالندماء والمغاني، تارة ينادم بالحديث، وتارة يغنى له، وهو على كل حال في المحافل والخلوات، عفيف الخلوة، طاهر الذيل، يحاسب نفسه على الحركات والسكوت، ويراقب الله في السر والعلن، لا يرتكب محرما، ولا يفسح فيه.

قال لي الشبلي: حتى أنه لا يوجد بدهلى خمرا بالجملة الكافية، لا ظاهرا ولا مضمرا، لتشديد هذا الرجل فيه، وإنكاره على من يعانيه، قال: مع أن أهل الهند لا رغبة لهم في الخمر ولا في المسكرات استغناء بالتنبول [٢] ، وهو حلال طيب لاشية فيه مع ما فيه من أشياء لا يوجد في الخمر بعضها، وهو أنه يطيب النكهة، ويصرف الأطعمة، ويبسط الأنفس بسطا عظيما، ويورثها سرورا زائدا، مع ثبوت العقل، وتصفية الذهن، ولذاذة الطعم، فأمّا أجزاؤه فهو ورق التنبول والقوقل ونون [٣] «٢» يعمل خاصة.


[١] القصص هي الشكاوى.
[٢] التنبول: هي تانبول شجيرة تنمو في الهند والصين وماليزيا، أوراقها معطرة (فرهنگ عميد ١/٥٢٩) والتانبول شجر معظم عند الهنود (رحلة ابن بطوطة ١٧٥) .
[٣] القوقل: هو پوپل بالباء المثلثة، شجرة تنمو في الهند والمناطق الحارة طولها يبلغ ١٥ مترا، طعمها لذيذ مثل طعم التمر (فرهنگ عميد ٢/١٥٥٥) والنون أيضا شجيرة (فرهنگ عميد ٢/١٩٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>