للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولا يعد أهل تلك البلاد كرامة أبلغ منه، فإنه إذا ضيف الرجل لآخر وأكرمه (المخطوط ص ٣٣) بما عسى أن يكون من أنواع الأطعمة والأشربة «١» والرياحين والطيب، ولا يحضر معها التنبول لا يعتد له بكرامة، ولا يعد أنه أكرمه، وكذلك إذا أراد الرئيس إكرام أحد ممن يحضره، يناوله التنبول.

قلت: وهذا نظير مسلك الأياق [١] في ممالك أولاد جنكيز خان، والأياق هو قدح خمر أو تمر يمسكه الكبير لمن أراد إكرامه أو الرجل لمن أراد خدمته، وهو أبلغ خدمة عندهم، وسيأتي بمشيئة الله تعالى ذكر هذا في موضعه.

وحدثني العلامة سراج الدين أبو الصفاء عمر الشبلي أن هذا السلطان متطلعا «٢» إلى معرفة أخبار ممالكه وبلاده، وأحوال من حوله من جنوده ورعاياه، وأن له ناسا يسمون المنهيين [٢] ، وطبقاتهم مختلفة، فمنهم من يخالط الجند والعامة، فإذا علم ما يجب إنهاؤه إلى السلطان أنهاه إلى أعلى «٣» طبقة منه، ثم ينهيها ذلك المنتهى، إلى آخر الأعلى فالأعلى إلى السلطان.

فأمّا أخبار البلاد النائية فإن بين حضرة السلطان وبين أمهات الأقاليم أماكن متقاربة، بعضها من بعض شبيهة بمراكز البريد في مصر والشام، ولكن هذه قريبة المدى بين المكا [٣] والمكان بقدر أربع علوات نشاب أو دونها، وفي كل مكان عشر سعاة ممن له خفة في الجري، يحمل الكتب بينه وبين تاليه «٤» [٤] ، إذا أخذ أحدهم


[١] مسك الإياق: الإياق كلمة تركية هي إياق وهي قدح خمر أو تمر يمسكه الرجل لمن أراد خدمته (فرهنگ عميد ١/٢٧٣) .
[٢] المنهيون جمع مفرده منهي وناه وهو من ينهي الأمر إلى من يعلوه حتى يصل إلى السلطان وقد وردت بالمخطوط المنهين.
[٣] المكا هو الرسول ورجل البريد جمعه مكاكي، وردت في ب ٧٩ المكان.
[٤] وردت بالمخطوط تولية.

<<  <  ج: ص:  >  >>