للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب جرى به جريا قويا بأشد ما يمكنه أن يشتد، وأقوى ما يمكنه أن يجرى إلى أن يوصله إلي الآخر، فيجرى به كالأول إلى المكان الذي يليه، ويرجع حامله إلى مكانه على مهله، فيصل الكتاب من المكان البعيد إلى المكان البعيد في أقرب الأوقات أسرع من البريد والنجابة «١» .

قال: وفي كل مكان من هذه الأماكن المركزة مساجد تقام بها الصلوات، ويأوى إليها السفّار، وبرك ماء للشرب، وأسواق للبيع للمكاكل «٢» [١] وعلوفة الدواب، ولا يكاد يحتاج إلى حمل ماء ولا زاد ولا خيمة.

قال: ومن جملة عناية هذا السلطان جعل بين قاعدتي ملكه وهما: دهلى وقبة الإسلام في هذه الأماكن (المخطوط ص ٣٤) المعدة لإبلاغ الأخبار طبول، فحيثما «٣» كان في مدينة وفتح باب الأخرى أو غلق يدق الطبل، فإذا سمعه مجاوره دق، فيعلم خبر فتح المدينة التي هو غاب عنها، وغلقه في وقت الحاضر كل يوم بنوبة.

ولهذا السلطان مهابة يسقط لها القلوب مع قربه من الناس، ولينه في كلامه وحديثه، وكل من أراد الوصول إليه وصل إليه، لا يبعده عظم حجاب، ولا عموم حجاب، وقد أدر الله في أيامه الأرزاق، وكثّر المواد، وضاعف النعم، على أن الهند ما زال موصوفا بالرخاء، معروفا بالسخاء.

حدثني الخجندي قال: أكلت أنا وثلاثة نفر رفاقا لي في بعض بلاد دهلى لحما بقريا وخبزا وسمنا حتى شبعنا بكتيل [٢] «٤» وهو أربع فلوس، وسأذكر معاملاتهم،


[١] الرسل.
[٢] كتيل يعادل ٤ فلوس، جيتل ب ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>