للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافتهم، يعني تحكم الرجال على صبيانهم، حتى كان أيام المعتضد فغلبهم الغلبة التي يجب أن تكون لمثله على مثلهم وأذلهم وردهم إلى مراتبهم من العبودية، وكان المعتضد مهيبا لا يقدم أحد على أمر من أموره إلا مغرورا، وكان يسمى السفاح الثاني، لأنه جدد ملك بني العباس ووطده بعد أن كانت أخلقته الأتراك، وفي ذلك يقول ابن الرومي: «١»

[الطويل]

هنيئا بني العباس إن إمامكم ... إمام الهدى والجود في ذاك يشهد

كما بأبي العباس أسس ملكهم ... كذا بأبي العباس أيضا يجدد

ولقد اتفق في أيامه أمر فظيع «٢» كشفه الله له فعظم في نفوس أتباعه، فإنه كان لا يتجرأ أحد منهم أن يكتمه ما في نفسه مخافة صولته، وكان أحد كبراء دولته قد بنى بناء عاليا مشرفا على منازل جيرانه، فلم يقدر أحد يعارضه، فأشرف منه فرأى جارية بارعة الجمال، فسأل عنها، فقيل: ابنة تاجر، فخطبها إلى أبيها، فأبى أن يزوجها من تاجر مثله، فلم يزل يغريه «٣» ويأبى، فزوّر كتاب تزويج بشهادة عشرة من المعدلين، ثم أخذها بظاهر الشرع، فتحيّل أبوها حتى دخل في زي فعلة البناء في قصر كان المعتضد قد شرع فيه، فأتاه يوما يشرف عليه، فوقف له وذكر له حاله، فأرسل في طلب الزوج والشهود، وسألهم كيف كان الحال، فما استطاع أحد منهم أن ينكره، فوضع ذلك الزوج في جلد ثور طري، وضرب بالأرازب «٤» حتى اختلط لحمه ودمه، ثم أمر به فأفرغ بين يدي

<<  <  ج: ص:  >  >>