يعد فيه أمور كلها في النادر، ولي مرتين، وسار فيها سيرتين، فأما الأولى:
فكان فيها لصيد وقنص، وأما الثانية فكان فيها لقصيد «١» وقصص، وامتدت أيامه أكثر من أبيه، وكثر فيها تخليط أعدائه ومحبيه، وكان أرضى من أبيه نبا، وأمضى سنا، وأهب صبا، وأشب إلى العلو على صبى، وكانت همته ملوكية، وإن لم يجد سبيلا إلى اقتداح زنادها، ولا رسيلا إلى قراح عهادها «٢» ، وكان لا يقنع إلا بما كان عليه أوله، ويقرع باب عزائمه، والأقدار لا تنوله، وكان لا يزال يشم من نفسه دخان أواره، ويظهر على وجهه شعاع ما لم يواره، ويكتم حاله والله مبديه، ويخاف الناس والله أحق أن يخافه ولا يخفيه، وكان ربما ألم بهبة من الطرب ونغبة «٣» لا ترويه من ماء العنب، فكان ربما بسطه المدام فتحدث، ونشطه من عقال المداراة فعجل ولم يتلبث، وكانت عليه عيون موكلة بما ترى، ومسامع لا تكذب خبرا، فأغرى به قلب من كان في يديه موقرا كالمرتهن، ولديه موفرا كالممتهن، وأعان عليه حاشية سوء كانوا حوله، وأعوان سيئة لا تطيق قوته ولا حوله، وكان منهم ابن رئيس الرؤساء، وكان عدوا لأرسلان البساسيري «٤» ، وهما للخلافة فالا قفي أو سيري، فظفر ابن رئيس الرؤساء