بأرسلان البساسيري، وملك فلم يسجح، وأفسد ولم يصلح، وكان الأولى بمثله وهو رب القلم، وذاك رب السيف، أن يعفو إذا قدر، ويصفو إذا كدر، إلى ما هو به جدير، ولا عاقب إلا معاقبة ضعيف لا قدير، فنكل به أشد التنكيل، ومثّل به أقبح التمثيل، وبسط عليه العذاب الأليم، وسلط العقاب على الحريم، وفعل في ذلك فعل من طنخ «١» ونوّخ بعيرا فلم ينخ، فما قنعت تلك الشوكة إلا بخلع الخليفة، والقبض عليه وإرجافه بالخيفة، وتعويقه من سما عليه في دار بالحديثة، [ص ١٧١] وسعت في أعضاء خوله تلك الشوكة الخبيثة، وخطب ببغداد والعراق للمستنصر «٢» أبي تميم معد بن الطاهر العبيدي، خليفة مصر، وحمل على أعناق المنابر ثقل ذلك الإصر «٣» ، إلى أن تقضّت سنة، وما غمضت مقلا سنة «٤» ، ثم انتحى له ملوك المشرق، وردوا زمانه المشرق، ومدوا ظل عصره الموفق، فتوجوا رؤوس المنابر والمرفق وأعيد إلى بغداد وأعلامه تثنّى ارتياحا وترسل للبشرى بين يديها رياحا، فدخل إلى قصره، وتوقل «٥» رتبته، وخل في صدرها، وحلّى جيده بدررها، وجل به منصب الخلافة، على ما كان أو أسنا، وجدّ حتى ظفر بأعدائه، وبلغ ما تمنى، وانقرضت في أيامه دولة العجم، وانقضت بغير عود من النصال عجم، فطلع طالع الخلفاء ونجم، وصار مستقلا لو أراد الولوج على الأسد لهجم، أو العروج إلى السحاب لصار وصاب وانسجم،