سنجر، ووجوه الدولة، وينوي قتلهم، ففطن لذلك مسعود، فدخل عليه في [ص ١٧٥] رجلين من قرابته، وأومى إلى تقبيل يده، فجبذه بها جبذة شديدة ألقاه بها عن السرير إلى الأرض، وألقى عمامته في عنقه، وأراد خنقه، ثم كف عنه وخرج، وفي قلبه منه ما فيه.
قلت: وبقيا على ازورار البغضاء، وانحراف يقلهما على مثل الرمضاء، ثم قتل بعد ذلك بأيدي الباطنية، «١» وأورد أجل المنية، قتل بأرض الأعاجم، ودخل عليه الأجل الهاجم، وكانت قتلته بحي أصفهان القديمة، وثوت بها ركائبه المقيمة، وكان يمنّي نفسه الاستقلال بالخلافة من غير تشريك، ولا مزاحمة تكون لمليك، وكان المسترشد ينشد عند تزايد كربه، وترافد الرجال في حربه:
[الطويل]
أنا الأشقر الموعود بي [في] الملاحم
وكان هكذا أشقر أبيض، كأنّ لؤلؤا على صفحاته ترقص، وأتى نعيه بغداد، فأظلم جوّها لملمّ مماته، وأظل أهلها غم وفاته، وارتجت لمهلكه أكناف العراق، وفاضت دجلة بالدموع التي تراق، ولم يبق بها ناحية، إلا وبها نائحة، ولا جارحة إلا وفيها جارحة، لما فقدت من بعد سوقه، وعدل أمات العدو بخوفه.
وحكى مؤيد الدولة أسامة بن منقذ قال: كان المسترشد يلحق بالصدر الأول من سلفه، في علو الهمة وحسن السيرة والإقدام العظيم، فإنه لما التقى هو وعماد الدين زنكي بن آقسنقر في المصاف بعقرقوب «٢» ، وأنا حاضر المصاف، ضرب له