خيمة من أطلس أسود «١» ، ووضع له فيها تخت، وجلس عليه، والخيل تطرد فكسر عسكر زنكي في يوم الاثنين السابع والعشرين من رجب سنة ست وعشرين وخمس مائة، فاستولى على ما فيه، وانهزم زنكي إلى الموصل، وذلك الإقدام سبب تلفه، وأنشد القاضي جمال الدين محمد بن واصل للمسترشد:
[الطويل]
أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم ... ومن يملك الدنيا بغير مزاحم [ص ١٧٦]
ستبلغ أرض الروم خيلي وتنتضي ... بأقصى بلاد الصين بيض صوارمي
ثم إن المسترشد حاصر في العشرين من رمضان سنة سبع وعشرين وخمس مائة مدينة الموصل، فقصد باب المسترشد جماعة من الأمراء السلجوقية وخدموه وقوي بهم، واتفق اشتغال السلاطين بالحلف الواقع بينهم، فأرسل المسترشد أبا الفتوح الأسفراييني الواعظ، إلى جمال الدين زنكي، برسالة فيها خشونة، وزادها أبو الفتوح زيادة في الخية «٢» ، ثقة بقوة الخليفة، وناموس الخلافة، فقبض عليه عماد الدين زنكي وأهانه، ثم دام الحصار على الموصل نحو ثلاثة أشهر، فلم يظفر منها بشىء، فعاد إلى بغداد.
وحكى الأمير سديد الدولة أبو محمد بن الأنباري، كاتب الإنشاء، قال:
وقع بين السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، وبين المسترشد خلف، وخرج المسترشد لقتاله مرتين وكسر، فلما مات السلطان محمود، وولي أخوه السلطان مسعود بن محمد، استطال نوابه بالعراق، وعارض الخليفة في خاصه، فوقعت بينهما وحشة، وتجهز المسترشد للخروج، وجدّ في ذلك، فدخل إليه الوزير شرف الدين علي بن طراد الزينبي، وكمال الدين صاحب المخزن، وأنا معهما،