الخليفة بمراغة، ووصل الخبر بذلك إلى العراق، فحزن الناس عليه حزنا عظيما، وبويع بالخلافة ولده الراشد «١» ببغداد، واستقرت خلافته بها.
وذكر الشريف الغرناطي أن المسترشد عهد إلى الراشد حين بلغ، وإنه بلغ لتسع سنين، وإنه لو كان يمكن أعادها سفاحية منصورية. قلت: ثم قدم السلطان مسعود «٢» وضرب عنق دبيس بن مزيد صاحب الحلة.
قال ابن الأنباري: لما قتل المسترشد أحضرنا السلطان مسعود وقال: ما التدبير في أمر الخلافة، وبمن ترون؟ فقال الوزير: الخلافة لولي العهد، يعني الراشد، وقد بايعه الناس ببغداد، وجلس واستقر، وبويع له من قبل قتل أبيه بولاية العهد، وبويع له الآن بالخلافة، فقال السلطان: ما لي إلى هذا سبيل أبدا، ولا أقره عليها، فإنه تحدثه نفسه بالخروج مثل أبيه، كان قد خرج على أخي محمود مرتين، وعليّ مرة، وهذه أخرى، فتم عليه ما تم، وبقيت علينا شناعة عظيمة، وسبّة إلى [ص ١٧٨] آخر الدهر، فإنه يقال: قتلوا الخليفة وهم كانوا السبب في عود الخلافة إلى هذا البيت، ولا أريد أن يلي الأمر إلا رجل لا يدخل في غير أمور الدين، ولا يجند، ولا يجمع، ولا يخرج عليّ، ولا على أهل بيتي، وفي دار الخلافة جماعة، فاعتمدوا على شيخ منهم صاحب عقل ورأي وتدبير، يلزم نفسه ما يجب من طاعتنا، ولا يخرج من داره. قال ابن الأنباري: وأرسل السلطان مسعود إلى عمه السلطان سنجر بن ملكشاه يستشيره فيمن يولي الخلافة، فأرسل إليه يقول: لا تولي الخلافة إلا من يضمنه الوزير صاحب المخزن، وكاتب الإنشاء، فلما وصل السلطان همذان، اجتمع بنا، وأشار بهارون بن المقتدي، وعرفنا بما أمره به عمه السلطان سنجر، فقال الوزير: إذا كان الأمر