للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الرمي وادعي له، وسلك مدة في هذا سبيله، لا يخلي الطير حينا من الحين، ولا يزال قسي بندقه ينظرها طائرة في السماء، فيصيبها بالعين، قد جعل الجلاهق «١» حد سلاحيه، لا يدع الصباح والعشاء من اغتباق راحيه، لا يريح الرفاق من رواحيه، ولا طائرا يطير بجناحيه، وقصد السرداب «٢» المعد عليه النوبة للمنتظر، ووقف عليه ونادى لو أسمع، وقال: أنا ابن عمك بغير مدفع، ودينك ديني، وما بعد اقتداري في الأرض وتمكيني، فهذا أوان ظهورك، فاخرج فأنا القائم بأمورك، فلما لم يجب، ولا قام من غير قلبه بما وجب، علم بطلان ما كان يخيل له من خرافات تلك المخاريق، وضلالات ما خرج به عن الطريق، فترك سوء ذلك التشيع، وتقلل من التكثر في التروي بها والتشيع، ثم ما كان إلا متسننا، وفي مذاهب أهله متفننا، ومات ولده عليّ، ووجد عليه وجدا كاد يذهب بحبله، وينتزع من صدره سويداء قلبه، وأعاد الظاهر إلى ولاية عهده، وقدم من صهوة المنبر ما لا يصلح إلا للبده، بويع يوم موت، ونثرت الدنانير والدراهم يوم [ص ١٩٢] بيعته، ومدحه الشعراء، فممن أجاد ابن التعاويذي بقوله:

[الحفيف]

ورأى الغانيات شيبي فأعرضن ... وقلن الشباب خير لباس

كيف لا يفضل السواد وقد أضحى ... شعارا على بني العباس

أمناء الله الكرام وأهل الجود ... والعلم والتقى والباس

ولقد رتبت الخلافة منهم ... بإمام الهدى أبي العباس

<<  <  ج: ص:  >  >>