وكتابا، وإماما ومحرابا، وسيئة محيت وبدلت ثوابا، وعدلا فتح له بابا، وظلما سد له بابا، وقائلا يهدي وقائلا «١» كان في حر الهجير أطل عليه ندى، ورفقا أرأف بالأمة من الوالدات على الفطيم، ولطفا يصد سموم الشمس فيأذن للنسيم، وشكرا يروع العذارى فيلمس جانب العقد النظيم، وقد ذكر الوزير أبو غالب نسخة من كتب عن الناصر بخلع ولده الطاهر لما خلعه، بخط المكين ابن العلقمي «٢» ، ومنه: (وقد كان أمير المؤمنين قلّد ولده أبا نصر محمدا ولاية عهده، ورشحه من بعده، مؤملا منه التخلق بشريف أخلاق أمير المؤمنين التي هي من أخلاق آبائه مقتبسة، وعلى أساس التقوى مبنية ومؤسسة، فلما أن وقت بكامل رشده، رأى من نفسه القصور عن التزام شروط هذا الأمر، واستقال منه، وسئل أمير المؤمنين نزع لباسه عنه، وكتب خطه عن ذلك وتركه، وحل ما عقد له منه وفكه، وتيقن من حاله وأمره، أنه لا يصلح لخلافة المسلمين في الحاضرة، ولا في بقية عمره، وأشهد بذلك عليه، وخلع نفسه عما كان فوّض إليه، وأمير المؤمنين لم يخل في كل وقت باعتبار طرائقه واستقرائها، وتتبع خلائقه واستبرائها، إلى أن استبان ما كان من أحواله يلوح، وتألق نجمه من مراصد الوضوح، فلم يسع أمير المؤمنين إلا استخارة الله في إقالته، وطلب رضاه سبحانه في حل عقد ولايته، وأقال ولده، وحل ماله من ولاية العهد في المسلمين عقده، ونقض ما إليه عهده، وأسقط ذكره من الخطب، ومحا اسمه من السكك، اجتنابا من تقلد أوزاره، وتحمل أثقال إثمه وآصاره «٣» ، وأمير المؤمنين قد شهد لله بما علمه، وإن كان على ولده، ولم تأخذه لومة لائم في لزوم منهج الحق وجدده، «٤»