ولا مخالط للناس، ولا قاعد في عزلة، ولا جمع كثرة ولا قلة، ولا من يستقل بالجوزاء لواؤه، ولا من يقل فوق الفرقد ثواؤه، ولا باد ولا حاضر، ولا مقيم ولا سائر، ولا أول ولا آخر، ولا مسرّ في باطن، ولا معلن في ظاهر، ولا عرب ولا عجم، ولا راعي أبل ولا غنم، ولا صاحب أناة ولا بدار، ولا ساكن في حضر وبادية بدار، ولا صاحب عمد «١» ولا جدار، ولا ملجلج في البحار الزاخرة، والبراري القفار، ولا من يتوقل صهوات الخيل، ولا من يسبل على العجاجة الذيل، ولا من تطلع عليه شمس النهار، ونجوم الليل، ولا من تظله السماء وتقله الأرض، ولا من تدل عليه الأسماء على اختلافها، وترفع درجات بعضهم على بعض، حتى أمن بهذه البيعة وأمّن عليها، وأمن بها، ومنّ الله عليه وهداه إليها وأقرّ بها وصدق، وغضّ له بصره خاشعا، وأطرق ومد إليها يده بالمبايعة، ومعتقده بالمتابعة، ورضي بها وارتضاها، وأجاز حكمها على نفسه، وأمضاها، ودخل تحت طاعته، وعمل بمقتضاها، وقضى بينهم بالحق، وقيل الحمد لله رب العالمين.
وإنه لما استأثر الله بعبده سليمان أبي الربيع الإمام المستكفي بالله، أمير المؤمنين، كرم الله مثواه، وعوضه عن دار السلام، بدار السلام، ونقله مزكّي يديه عن شهادة الإسلام، بشهادة الإسلام، حيث آثره بقربه ومهد لجنبه، وأقدمه على ما قدمه من مرجو عمله وكسبه، وخار له في جواره فريقا، وأنزله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، الله أكبر ليومه يوما لولا محلفه، كانت تضيق الأرض بما رحبت، وتجزى كل نفس بما كسبت، وتنبّأ كل سريرة ما ادخرت [ص ٢٠٧] وما جنت، لقد اضطرم سعير، إلا أنه في الجوانح، لقد اضطرب منبر وسرير، لولا خلفه الصالح،