للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دخل العلماء والصلحاء والخطباء والأعيان فشفّعهم فيه، ورضي عنه وأعاده إلى ولاية العهد.

ثم إنّ أباه توجّه على قصد تلمسان بسبب وصول الأمير أبي زكريا يحيى صاحب بجاية إليه لاستنجاده لهم على ما تقدمت إليه الإشارة على عدوّهم المحاصر لهم «١» ، فعرض له المرض، وصدّه عن الوصول إلى تلمسان ضعف أصابه في طريقه، فرجع إلى مدينة تازي وهناك (٥٦٣) وصلته ابنة الأمير أبي بكر «٢» في الأصطول الذي بعثه إليها فرجع إلى فاس واشتدّ به المرض فمات بعقبة البقر قريب فاس، وحين مات والده وقف أبو الحسن راكبا فرسه حتى بايعه الناس ثم دخل فاسا ودفن أباه، وجلس موضعه، واستقلّ بالملك، وكتب إلى أخيه عمر يعزّيه بأبيه ويقرّه على حاله، فأبى عمر، وخرج فجهز إليه أبو الحسن ولده يعقوب «٣» ثم إنّه في آخر الأمر قصده بنفسه بالجيوش والعساكر، وأراد أن يقبض عليه، ثم دخل بينهما العلماء وأهل الصّلاح فعفا عنه وأقرّه على حاله، وكتبت بينه وبينه وثيقة مشهودة بذلك، ثم بعد ذلك خرج أبو الحسن قاصدا إلى قتال [أخيه] «٤» عمر إلى ممالأة أهل تلمسان عليه، فضرب أبو الحسن وجهه عن تلمسان إلى سجلماسة قاصدا لأخيه عمر فحاصره مدة ثم إنّه دخل عليه سجلماسة، وأمسكه قبضا باليد، ووجده قد ارتكب فظائع من المحرّمات من قتل عمّه أبي البقاء يعيش، وجمع بين حرائر ذوات عقود أزيد مما أباحت الشريعة فاستفتى أبو الحسن عليه العلماء فأفتي بقتله، ففصده في يديه وتركه ينزف دمه حتى مات، واستقلّ حينئذ أبو الحسن، وثبتت قواعد أركانه وانتشرت أعلام سلطانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>