للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من تقدّم، وأنست: عنتر والرماح كأنّها أشطان بئر في لبان الأدهم «١» .

وأما كيفية انتقال الملك إليه، فنقول وبالله التوفيق:

إنّ هذا السلطان ولد بفاس سنة ستّ وثمانين وستّ مئة، وأخذ الملك عن أبيه أبي سعيد عثمان، كان قد عهد إليه لما غضب على أخيه [أبي حفص] «٢» عمر، وكان عمر المرشح عند أبيه أولا حتى خرج عمر على أبيه وغلبه على فاس ثم أخذها أبوه منه، وحاصره في المدينة البيضاء مقدار خمسة أشهر، وكان عمر في هذه المدة ضعيفا، فدخل العلماء والصلحاء بينهما فأعطاه سجلماسة، وأصار ولاية العهد إلى هذا السلطان أبي الحسن عليّ، ثم تغير عليه بسبب جرحه لقمر خادمه وهي التي بيدها مفاتيح بيت المال، وذلك أنّ أباه أبا سعيد عثمان سافر لزيارة ضريح سلفه بشآلة، وهو موضع على مقربة من سلا، وترك ولده عليا خلفا [عنه] «٣» بفاس فاحتاج إلى شيء هو في بيت المال، فأراد أخذه، وطلب من قمر المهاجرة المفاتح فأبت أن تمكنه من ذلك ولا أن تبلغه (ما) هنالك، فاغتاظ عليها وجرّد سيفا كان معتقلا «٤» به فجرحها فبلغ ذلك، أباه فغاظه ما سمع فكتب كتابا، وأمر بعض الأشياخ بمسيره إليه يأمره فيه بالخروج من البلد (ة) الجديدة، وسكناه بقصبة البلد العتيقة برأسه ليس إلّا على فرسه، وأن لا يركب معه أحد من جيشه، وسلبه عن كلّ شيء.

فلما بلغه الكتاب وهو في قصره حيث جلوسه للناس قرأه وعرف ما فيه فأخذه وألقاه على رأسه وقبله بفيه، وخرج من حينه إلى الموضع الذي رسم له فيه، وبقي محجورا مدة إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>