للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومروان من لدن معاوية إلى آخر أوان.

كان معاوية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكاتب الوحي منذ أسلم، ثم كانت له منزلة قريبة وصلة بأم حبيبة، أسلم يوم فتح مكة، وفتّ في مهاب الكفر شركه، وكان يقول إنه أسلم من قبل، وإنما كان يكتم إسلامه ويظهر لأبيه مطاوعته واستسلامه، وإنما هي دعوى الله أعلم بغيبها، وأحكم بما فيها جلاء ريبها، وإنما إجماع المحدثين والقديمين والمحدّثين على أنه هو وأبوه وأخوه وذووه من مسلمة الفتح قولا ثبتا، وقطعا بتا، طلقاء الفتح، وعتقاء الصفح، أخذ العباس رضي الله عنه لأبي سفيان الأمان، وأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل إسلامه على ما كان، وكرّمه بأمور منها أنه كل من دخل دار أبي سفيان على ما تقدم من السيرة، ثم كانت إلى الله السريرة، فأما الظاهر فإنهم من المؤلفة قلوبهم، والمؤلّبة على أول الإسلام وآخره حروبهم، وكان معاوية رضي الله عنه كثير السؤدد لا يخف كالجبل القردد «١» بحر لا يدرك قراره، وطود لا يدهك «٢» وقاره، وفحل لا يرد نفاره [ص ٢٢٢] ، ومنصل لا يحد غراره، طبع الحلم فيه غريزة، ووضع السداد فيه نحيزة «٣» ، ولم يكن أوسع منه بطانا ولا أمنع منه سلطانا، لا يؤثر ذنب في غزير حلمه، ولا يؤاخذ مسيئا بكبير جرمه، لو أن أمله في النجم لبلغه، أو في اليم لسوغه، بحيل أصيد من الفخاخ، وأجول في الفضاء من الرخاخ «٤» ، بتلطف لو أراد لتشرب في مسام الزجاج، وعذب به مذاق البحر الأجاج، أمّره أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>